للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيد أهل العسكر، قال: فتعرف المخارق؟ قال: نعم، قال: فانظر في هذه الرءوس هل تراه؟ فنظر إلى رأس منها فقال: هو هذا، فخلى سبيله.

وبلغ عبد الله انهزام المخارق، فقال له موسى بن كعب: اخرج إلى مروان قبل أن يصل الفل إلى العسكر، فيظهر ما لقي المخارق [١] . فدعا عبد الله بن علي محمد بن صول، فاستخلفه على العسكر وسار على ميمنته ابن عون وعلى ميسرته الوليد بن معاوية ومع مروان ثلاثة آلاف، فقال مروان لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: إن زالت الشمس اليوم ولم يقاتلونا كنا الذين ندفعها إلى عيسى ابن مريم، وإن قاتلونا قبل الزوال فإنا للَّه وإنا إليه راجعون. وأرسل مروان إلى عبد الله بن علي يسأله الموادعة، فقال: كذب، لا تزول الشمس حتى أوطئهم الخيل، إن شاء [الله] [٢] ، فقال مروان لأهل الشام: قفوا لا تبدءوهم بقتال، فحمل الوليد بن معاوية فقاتل أهل الميمنة فغضب مروان وشتمه، فانحاز أبو عون إلى عبد الله بن علي، فقال موسى بن كعب لعبد الله: مر الناس أن ينزلوا، فنودي: الأرض، فنزل الناس وشرعوا الرماح، وجثوا على الركب واشتد القتال، فقال مروان لقضاعة: انزلوا، فقالوا: قل لبني سليم فلينزلوا، فأرسل إلى السكاسك: احملوا، فقالوا: قل لبني عامر فليحملوا، فأرسل إلى السكون أن احملوا، فقالوا: قل لغطفان فليحملوا، فقال لصاحب شرطته: انزل، فقال: لا والله ما كنت لأجعل نفسي غرضا، قال: أما والله لأسوءنك، قال: وددت والله أنك قدرت على ذلك، فانهزم أهل الشام وانهزم مروان، وقطع الجسر، فكان من غرق يومئذ أكثر ممن قتل.

وكان ممن غرق يومئذ إبراهيم بن الوليد المخلوع، فأمر عبد الله بن علي فعقد الجسر على الزاب واستخرج الغرقى، فأخرجوا ثلاثمائة. وأقام عبد الله في عسكره سبعة أيام، وحوى عسكر مروان بما فيه، فوجدوا فيه سلاحا كثيرا، وأموالا.

وكتب عبد الله بن علي بالفتح إلى أمير المؤمنين أبي العباس السفاح، فلما أتاه الخبر صلى ركعتين وأمر لمن شهد الوقعة بخمسمائة خمسمائة، ورفع أرزاقهم إلى ثمانين.

وكان مروان منذ لقيه أهل خراسان لا يدبر شيئا إلا وقع فيه خلل، ولقد وقف يوم انهزم والناس يقتتلون فأمر بأموال فأخرجت وقال للناس: اصبروا وقاتلوا، هذه الأموال


[١] في الأصل: «ينظموها المخارق» . وما أوردناه من ت.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>