للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي قبلي يا أمير المؤمنين. قَالَ: هاتها. فأحضرها وجلست وجلسنا، فأخذنا في شأننا وقَالَ: هيه غني. فعصرت عينيها ثم بكت [١] وقالت: أما بعد السادة فلا. فغضب الرشيد وقَالَ: سيف ونطع، ثم قال لها: غني. فردت مثل قولها الأول، وأسبلت الدموع، وذهبت عقولنا نحن، ووقعت علينا الرعدة من شدة الخوف، فقال للسياف: انظر إلى يدي، فإذا عقدت لك بالخنصر اثنين فأمسك [٢] ، فإذا عقدت بالوسطى ثلاثا فاضرب.

فأخذ السياف السيف ووقف وراءها شاهرا به. فقال لها الرشيد: غني: فقالت: أما بعد السادة فلا، وهي تبكي وقد علا بكاؤها، فعقد بيده واحدة، ثم قَالَ لها ثانية فقالت القول الأول، فعقد اثنين، ورفع يديه يريها السياف وأقبل يحرك الوسطى ويقول لها: غني.

وأقبلنا عليها نناشدها في نفسها وفينا [٣] ، فاندفعت تغني:

لما رأيت الديار قد درست ... أيقنت أن النعيم لم يعد

فوثب إليها الرشيد، فأخذ العود من يدها، وأقبل يضرب به وجهها ورأسها حتى تفتت، وأقبلت الدماء، وتطايرنا نحن، وحملت من بين يديه وقيدة [٤] ، فمكثت ثلاثا/ وماتت [٥] .

وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري [٦] سببا [٧] عجبا في خبر البرامكة في هلاك جعفر قال: كان الرشيد لا يصبر عن جعفر وأخته عباسة بنت المهدي، وقال لجعفر: أزوجكها ليحل لك النظر إليها، ولا تمسها. فكانا يحضران مجلسه، ثم يقوم عن مجلسه ويخليهما، فيقوم إليها جعفر فيجامعها، فحبلت منه، فولدت غلاما، وخافت من [٨] الرشيد، فلم يزل الأمر مستورا، ووجهت المولود مع خواص لها من


[١] في الأصل: «وبكت» .
[٢] في الأصل: «فأمسك» .
[٣] في ت: «في نفسها ونجهد بها» .
[٤] في ت: «يديه رجيدة» .
[٥] البداية والنهاية ١٠/ ١٩٢.
[٦] في ت: «وروى جعفر بن جرير الطبري» .
[٧] في ت: «شيئا» .
[٨] «من» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>