للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما زال ذلك في نفسه، ثم جنى على نفسه بأن وجه برأس بعض الطالبيين في يوم نيروز من غير أن يكون قد أمره بقتله، فاستحل بذلك دمه.

وقيل: بل أرادت البرامكة إظهار الزندقة وإفساد الملك فقتلهم لذلك.

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك [١] ، ومحمد بن ناصر قالا: أَخْبَرَنَا المبارك بْن عَبْد الجبار، أخبرنا أبو عبد الله النصيبي، أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن سُوَيْد، حدثنا أبو بكر الأنباري قَالَ: حدثني أَبِي، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن المدائني قَالَ: قال أبو زكار [٢] الأعمى: كنت عند جعفر البرمكي في الليلة التي قتل فيها وهو يغني بهذا الشعر:

فلا تبعد فكل فتى سيأتي ... عليه الموت يبكر أو يغادي

وكل ذخيرة لا بد يوما ... وإن بقيت تصير إلى نفاد/

فلو فوديت من حدث الليالي ... فديتك بالطريف وبالتلاد

فقلت: يا سيدي، ممن أخذت هذا الشعر. قَالَ: من أحسن شعرا من حكم الوادي. فما قام عن موضعه حتى جاء مسرور غلام الرشيد فأخذ رأسه [٣] .

قال علماء السير [٤] : لما انصرف الرشيد عن الحج في سنة ست وثمانين قال مسرور الخادم: سَمِعْتُ الرشيد يقول في الطواف: اللَّهمّ إنك تعلم أن جعفر بن يحيى قد وجب عليه القتل، وأنا أستخيرك في قتله فخر لي. قالوا: ثم عاد إلى الأنبار وبعث إليه بمسرور وحماد بْن سالم، والمغني يغني:

فلا تبعد فكل فتى سيأتي ... عليه الموت يبكر أو يغادي

قال مسرور: الذي جئت فيه من ذاك قد والله طرقك، أجب أمير المؤمنين. قال:

فوقع عَلَى رجلي يقبلها ويقول: حتى أدخل فأوصي. فقلت: أما الدخول فلا سبيل إِلَيْهِ، ولكن أوص بما شئت. فتقدم في وصيته بما أراد، وقَالَ: كل مال لي فهو صدقة، وكل


[١] هذا الخبر من أوله لآخره ساقط من ت.
[٢] في الأصل: «أبو بكار» .
[٣] تاريخ الطبري ٨/ ٢٩٥.
[٤] انظر تاريخ الطبري ٨/ ٢٩٤- ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>