للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأمون كلمه بكلام [١] كان سعيد بن العاص كلم به معاوية بن أبي سفيان في سخطة سخطها عَلَيْهِ، فاستعطفه به، وكان المأمون يحفظ الكلام، فقال المأمون [٢] هيهات يا إبْرَاهِيم، هذا كلام سبقك به فحل بني العاص وقارحهم سعيد بن العاص وخاطب به معاوية، فقال لَهُ إبراهيم: يا أمير المؤمنين، وأنت أيضا إن عفوت فقد سبقك فحل بني حرب وقارحهم إلى العفو، فلا يكن حالي عندك في ذاك أبعد من حال سعيد من معاوية، فأنت أشرف منه وأنا أشرف من سعيد، وأقرب إليك من سعيد إلى معاوية، وإن أعظم الهجنة أن يسبق أمية هاشما إلى مكرمة قال: صدقت يا عم، قد عفوت عنك.

وفي هذه السنة: بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل في رمضان، وكان المأمون قد مضى إلى معسكر الحسن بن سهل بفم الصلح للبناء ببوران وكان العباس بن المأمون قد تقدم أباه، فتلقاه الحسن خارج العسكر فثنى [٣] الحسن رجله لينزل، فقال له الْعَبَّاس: بحق أمير المؤمنين لا تنزل. فاعتنقه الحسن وهو راكب.

ووافى المأمون وقت العشاء، فلما كان في الليلة الثالثة دخل على بوران وابتنى بها من ليلته، ونثرت عليه جدتها ألف درة كانت في صينية ذهب، وأقام المأمون عند الحسن سبع عشر يوما يعد له كل يوم ولجميع ما معه جميع ما يحتاج إِلَيْهِ، / وخلع الحسن على القواد عَلَى مراتبهم وحملهم ووصلهم، وكان يبلغ النفقة خمسين ألف ألف درهم، وأمر المأمون غسان بن عباد أن يدفع إلى الحسن عشرة آلاف ألف درهم [٤] من مال فارس، فحملت إليه ففرقها في أصحابه وأقطعه فم الصلح، فلما انصرف المأمون شيعه الحسن، ثم رجع إلى فم الصلح [٥] ، وكان ذهاب المأمون ومقامه ورجوعه أربعين يوما، ودخل إلى بغداد يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من شوال.

وقيل: خرج المأمون إلى الحسن لثمان خلون من رمضان، ورحل من فم الصلح لثمان بقين من شوال سنة عشر ومائتين.


[١] في ت: «كلمة إبراهيم بكلام» .
[٢] «المأمون ساقطة من ت.
[٣] في ت: «وثنى» .
[٤] «درهم» ساقطة من ت.
[٥] «فم الصلح....» حتى «.... رجع إلى فم الصلح» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>