للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحقت. قَالَ: يا عباسي، فقال الفضل [١] : لبيك يا أمير المؤمنين، فَقَالَ: ليردا إلى عاتكة، ويقال لها تصنع هذه التي وصفت بالكمال [٢] لتحمل إلي الليلة. ثم قال لي: يا عبد الملك، أنا ضجر. وقد جلست أحب أن أسمع حديثا أتفرج به، فحدثني بشيء.

فقلت: لأي الحديث يقصد أمير المؤمنين. قَالَ: لما شاهدت وسمعت من أعاجيب الناس، وطرائف أخبارهم. فقلت: يا أمير المؤمنين صاحب لنا في بدو بني [٣] فلان كنت أغشاه وأتحدث إليه، وقد أتت عليه ست وتسعون سنة أصح الناس ذهنا وأجودهم عقلا [٤] وأكلا، وأقواهم بدنا فغبرت [٥] عنه زمانا، ثم [٦] قصدته فوجدته ناحل البدن، كاسف البال، متغير الحال، فقلت لَهُ ما شأنك؟ أأصابتك مصيبة؟ قَالَ: لا. قُلْتُ:

أفمرض عراك؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فما سبب هذا التغيير الذي أراه بك؟ قَالَ: قصدت بعض القرابة في حي بني فلان فألفيت عندهم جارية قد لاثت رأسها، وطلت بالورس ما بعض القرابة في حي بني فلان فألفيت عندهم جارية قد لاثت رأسها، وطلت بالورس ما بين قرنها إلى قدمها، عليها قميص وقناع مصبوغان، وفي عنقها طبل توقع عليه وتنشد:

محاسنها سهام للمنايا ... مريشة بأنواع الخطوب

برى ريب الزمان لهن سهما ... تصيب بفضله مهج القلوب

فأجبتها:

ففي شفتي في موضع الطبل ترتقي ... كما قد أبحت الطبل في جيدك الحسن

هبيني عودا أجوفا تحت شنة ... تمتع فيها بين نحرك والذقن/

فلما سمعت الشعر مني نزعت الطبل فرمت به في وجهي، وبادرت إلى الخباء فدخلت فلم أزل واقفا حتى حميت الشمس على مفرق رأسي لا تخرج إليّ ولا ترجع


[١] في الأصل: «أبو الفضل» .
[٢] في ت: «التي وصفها عبد الملك بالكمال» .
[٣] في ت: «صاحب الثافي يدوي» .
[٤] «عقلا» ساقطة من ت.
[٥] في ت: «فغبت» .
[٦] «ثم» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>