للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: أو قد صح الخبر أو هي غشية؟ قَالَ: بل قد توفي وشد لحيته [١] فرأيت المعتضد قد سجد، فأطال السجود، فلما رفع رأسه قَالَ له بدر: والله يا أمير المؤمنين لقد كان صحيح الموالاة، مجتهدا في خدمتك، عفيفا عن الأموال! قَالَ: أفظننت يا بدر أني سجدت سرورا بموته؟ إنما سجدت شكرا للَّه تعالى، إذ وفقني فلم أصرفه ولم أوحشه، ولي في جنب [٢] ورثته ما خلفه عليهم من كسبه معي، ما لعله قيمة ألفي ألف دينار، وقد عملت على أخذ ذلك منهم، وأن أستوزر أحد الرجلين: إما جرادة وهو أقوى الرجلين في نفسي لهيبته في قلوب الجيش، والآخر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الفرات، وهو أعرف بمواقع المال.

فقال له بدر: يا مولاي، غرست غرسا حتى إذا ما أثمر قلعته! أنت ربيت القاسم وقد [٣] ألف خدمتك عشر سنين، وعرف ما يرضى حاشيتك، وجرادة/ رجل منكر، ويخرج من الحبس جائعا، وابن الفرات لا هيبة له في النفوس، وإنما يصلح أن يكون بحضرة وزير يمشي [٤] له أمر المال، ومال القاسم، وورثته لك. أي وقت أردته أخذته.

فراجعه المعتضد وبين له فساد هذا الرأي، فعدل عن المناظرة إلى تقبيل الأرض مرات، فقال له المعتضد: قد أجبتك فامض إلى القاسم فعزه ثانية، وبشره بتقرير رأيي على استوزاره لتسله [٥] عن مصابه، ومره بالبكور إلى الجامع [٦] ، فولى بدر فخرجت معه، فدعاني المعتضد فعدت، فقال: أرأيت ما جرى؟ قلت: نعم! فقال: والله لا يقتل بدرا غير القاسم! فما تم للقاسم التدبير مع المكتفي حتى قتل بدرا!.

قال خفيف [٧] : رحم الله المعتضد! كأنه نظر هذا من وراء ستر.

قال المصنف: وسيأتي كيفية قتل بدر في ولاية المكتفي باللَّه.


[١] في ك: «لحياه» .
[٢] في ك: «في حب» .
[٣] في ك: «بدر» .
[٤] في الأصل: «بنشيء» .
[٥] في ك: «استبرائه ليسلو» .
[٦] في ك: «الخلع» .
[٧] في الأصل: «قال خصيف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>