للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها وعلى حروثهم ومواشيهم ومكثوا كذلك [١] حينا لا يغزوهم أحد من فارس، حَتَّى ترعرع سابور فأول ما عرف من تدبيره أنه سمع ضجة الناس وقت السحر، فسأل عَنْ ذلك فقيل: الناس يزدحمون عَلَى جسر دجلة، فأمر باتخاذ جسر آخر ليكون أحد الجسرين للمقبلين والآخر للمدبرين، فاستبشر الناس بفطنته مع صغر سنه ولم يزل يظهر منه حسن التدبير إِلَى أن بلغ ست عشرة سنة فخرج فِي ألف مُقَاتِل، فاوقع بالعرب فقتل منهم خلقا كثيرا [٢] ، وسار إِلَى بلاد عَبْد القيس، فأباد أهلها، [ثم] [٣] إِلَى اليمامة فقتل من وجد بها، ولم يمر بماء للعرب إلَّا عوره [٤] ، ولا بعين إلا طمها، [واجتاز بيثرب ففعل مثل ذلك] [٥] ، وقتل وأسر ورجع إِلَى العراق، وأمر بحفر نهر فوهته بهيت وأخرجه قريبا من القادسية ثم إِلَى كاظمة، ثم إِلَى البحر وجعل عَلَيْهِ مناظر وروابط ومسالج، وجعل فِي تلك المناظر الرجال والخيل، فكان من أراد من العرب أن يدخل إِلَى ملك فارس لقضاء حاجته [عرض نفسه عَلَى صاحب الحصن الذي يدخل منه فيثبت اسمه ويختم يده، فإذا قضى حاجته] [٦] لم يخرج إلا من الحصن الذي دخل منه، فيعرض نفسه عَلَى صاحب الحصن فيكسر الختم الذي عَلَى يده ويعلم عَلَى اسمه، ثم يخرج إِلَى البادية.

فاستقامت بذلك مملكة فارس وحفظت من العرب، ويسمى هَذَا النهر: الحاجز وهو العتيق، وجعل بإزاء ذلك النهر دهاقين فأقطعهم القطائع، وكانوا رداء لأهل الحصون، وكان إذا طرقهم طارق من العرب بالليل [٧] أوقدوا النار، وإن صبحهم نهارا دخنوا، فيعلم أهل القرية بهذه العلامة ما حدث، فيأتونهم.

ومن جملة ملك الحصون: حصن مهيب، ومنظرة بخطيرة، ومنظرة حديثة النورة، منظرة بالأنبار، ومنظرة بدير الجماجم، ومنظرة بالقادسية، وحصن بذي قار، وبنى الكرخ، وسجستان، ونيسابور.


[١] في ت: «بذلك» .
[٢] «كثيرا» سقطت من ت.
[٣] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[٤] في الكامل ١/ ٣٠٢: «غوره» والمعنى واحد وهو أن يكيس بالتراب ويردم فيصبح غير صالح للاستعمال.
[٥] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، وأثبتناه من ت.
[٦] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، وأثبتناه من ت.
[٧] في الأصل: «بالقرب» . وما أثبتناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>