اللَّه عليك، فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا اله إلا هو، ويسأله أن يصلي على سيدنا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليمًا أما بعد: أطال الله بقاءك وأدام عزك وتأييدك، وأحسن إمتاع أمير المؤمنين بك وبالنعمة فيك وعندك، فإن كتابك الوارد في صحبة الحسن بن محمد بن نصر رعاه الله عرض على أمير المؤمنين تاليا لما تقدمه، وشافعا ما سبقه ومتضمنا مثل ما حواه الكتاب قبله من إجماع المسلمين قبلك الخاص، والعام، بمشهد منك على خلع العاصي المتلقب بالطائع عن الإمامة، ونزعه عن منصب الخلافة لبوائقه المستمرة، وسوء نيته المدخولة، وإشهاده على نفسه بنكوله وعجزه، وإبرائه الكافة من بيعته وخروجهم من عهده وذمته، ومبادرة الكبير والصغير إلى المبايعة لأمير المؤمنين، وإصفاقهم واتفاقهم عليها بانشراح في صدورهم، وانفساح من آمالهم، واستتباب ذلك بتلطفك من حسن الارتياد للمسلمين، وانتظامه بغضبك للَّه ولأمير المؤمنين، حتى ناديت بشعاره في الأفاق، وأقمت الدعوة للَّه في الأقطار، ورفعت من شأن الحق ما كان العاصي خفضه، وقمت من عماد الدين ما كان المخلوع رفضه ووقف أمير المؤمنين على ذلك كله، وأحاط علمه بجميعه ووجدك، أدام الله تأييدك، قد انفردت بهذه المأثرة، واستحققت بها من الله تعالى جليل الأثرة، ومن أمير المؤمنين سني المنزلة، وعلى المرتبة، وكانت هذه المنزلة عليك موقوفة، كما كانت الظنون فيها إليك مصروفة، حتى فزت بها بما يبقي لك في الدنيا ذكره وفخره، وفي الآخرة ثوابه وأجره، فأحسن الله عن هذه الأفعال مكافأتك، وأجزل عاجلا وآجلا مجازاتك، وشملك من توفيقه وتسديده ومعونته وتأييده، بما يديم نصر أمير المؤمنين بك وظفره على يدك، وجعلك ابدا مخصوصا بفضل السابقة في ولائه، متوحدا بتقدم القدم في أصفائه، فقد أصبحت وأمسيت سيف أمير المؤمنين لأعدائه، والحاظي دون غيرك بجميل رأيك، والمستبد بحماية حوزته، ورعاية رعيته، والسفارة بينه وبين ودائع الله عنده، وقد برزت راية أمير المؤمنين عن الصليق متوجهة نحو سريره الذي حرسته، ومستقر عزه الذي شيدته، ودار مملكته التي أنت عمادها، ورحى دولته التي أنت قطبها معتقدا لك ما يعتقد في المخلص طاعة ومشايعة، والمهذب نية وطوية من صنوف الاختصاص الذي لا يضرب معك فيه بسهم دان ولا قاص، وتوفي على كل سالف، ويفوت