للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتناولهما مني، لأنك تطلب الملك بوراثة، وأنا فيه مغتصب. فلم يكره بهرام قوله بثقته وبطشه، وتوجه نحو التاج والزينة، فَقَالَ موبذان موبذ: هَذَا عَنْ غير رأي أحد، ونحن برآء إِلَى اللَّه عز وجل من إتلافك نفسك. فَقَالَ: أنتم من ذلك برآء. ومشى نحوهما فبدر إليه أحدهما، فوثب وثبة فعلا ظهره، وعصر جنبيه بفخذيه عصرا أثخنه، وجعل يضرب رأسه بشَيْء فِي يده، ثم شد الأسد الآخر عَلَيْهِ فقبض عَلَى أذنيه، وعركهما بكلتا يديه، ولم يزل يضرب رأسه برأس الأسد الذي كان راكبه حَتَّى دمغهما وتناول التاج والزينة، فأذعن الكل له، وَقَالُوا: رضينا بِهِ ملكا. وكان ابن عشرين سنة.

ثم جلس للناس بعد ذلك سبعة أيام متوالية [١] يعدهم بالخير، ويأمرهم بتقوى اللَّه عز وجل وبطاعته.

ثم صار يؤثر اللهو، فكثرت ملامة رعيته له، وطمع من حوله من الملوك فِي استباحة بلاده [٢] ، وكان أول من سبق بالمكاثرة [٣] له: خاقان ملك الترك، فإنه غزاه فِي مائتين [٤] وخمسين ألف [٥] من الترك، فلما بلغ الفرس إقبال خاقان هالهم ذلك، فدخل عَلَى بهرام جماعة من الرؤساء فقالوا: / إن فيما قد أزف ما يشغل عَنِ اللهو، فلم يقبل عليهم ولم يترك اللهو.

وإنه تجهز فسار [٦] إِلَى أذربيجان لينسك [٧] فِي بيت نارها، ويتوجّه منها إلى أرمينية ويطلب الصيد فِي آجامها [٨] ويلهو فِي سبعة [٩] رهط من العظماء وأهل البيوتات وثلاثمائة رجل من رابطته [١٠] من [١١] ذوي بأس ونجدة، واستخلف أخا له يسمى:

نرسي عَلَى ما كان يدبر من أمر [١٢] ملكه، فلم يشك الناس حين بلغهم مسير بهرام فيمن


[١] في ت: «متواليات» ، وما أثبتناه من الأصل والطبري ٢/ ٧٥.
[٢] في ت: «بلده» .
[٣] في ت: «بالمكايدة» وما أثبتناه من الأصل، والطبري ٢/ ٧٥.
[٤] في ت: «مائتي» .
[٥] في ت: «ألفا» .
[٦] في الأصل: «ثم أنه تجهز فصار» .
[٧] في الأصل: «ليتنسك» . وما أثبتناه من ت، والطبري ٢/ ٧٥.
وينسك: يتعبد.
[٨] في الأصل: «في أكنافها» .
وفي ت: «في اكامها» وما أثبتناه من الطبري ٢/ ٧٦.
[٩] والآجام: جمع أجمة، وهو الشجر الكثير الملتف.
[١٠] في ت: «سبع» .
[١١] في الأصل: «رباطته» .
[١٢] «من» سقطت من ت.
«أمر» سقطت من ت، والطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>