للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلح، فلما كان ثاني رمضان بعث طائفة من أصحابه فاستاقوا مواشي نهر الملك، وكانت فيما قيل تزيد على مائة ألف رأس، فبعث الخليفة إليه عفيفا الخادم يقبح له ما فعل، فلما وصل إليه اخرج دبيس ما في نفسه وما عومل به من الأمور/ الممضة منها ٨٦/ أأنهم ضمنوا له هلاك ابن صدقة عدوه، فأخرجوه من الضيق إلى السعة، وأجلسوا ابن النظام في الوزارة شيئا فشيئا ورياء [١] ، ومنها أنه خاطبهم في إخراج البرسقي من بغداد فلم يفعلوا، ومنها أنهم وعدوه في حق أخيه منصور أنهم يخاطبوا في إصلاح حاله وخلاصه من اعتقاله، وأنه كتب إليه من العسكر أن انحراف دار الخلافة هو الموجب لأخذه، ولو أرادوا إخراجه لشفعوا فيه فهم عفيف بمجادلته، فلم يصغ دبيس إليه، وقال له: قد أجلتكم خمسة أيام فإن بلغتم ما أريده وإلا جئت محاربا، وتهدد وتوعد فبادر عفيف بالرحيل وأتت رجالة الحلة [٢] ، فنهبوا نهر الملك، وافترشوا النساء في رمضان، وأكلوا وشربوا، فجاء عفيف فحكى للخليفة ما جرى.

وفي ذي الحجة: أخرج المسترشد السرادق، ونودي النفير فأمير المؤمنين خارج إلى القتال عنكم يا مسلمين [٣] .

وغلا السعر، فبلغ ثلاثة أرطال بقيراط، وأمر المسترشد أن يتعامل الناس بالدراهم عشرة بدينار والقراضة اثني عشر بدينار.

وخرج الخليفة يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي الحجة من داره وعبر إلى السرادق ومعه الخلق.

قال المصنف: ولنذكر مبتدأ أمر هذا دبيس كما نفعل في ابتداء أمور الدول، وذلك أن أول من نبغ من بيته مزيد، فجعل إليه أبو محمد المهلبي وزير معز الدولة أبي الحسين بن بويه حماية سورا وسادها، فوقع الاختلاف بين بني بويه، وكان يحمي تارة ويغير أخرى، وبعث به فخر الملك أبو غالب إلى بني خفاجة سنة القرعاء، فأخذ الثار


[١] في ت: «في الوزارة سبا شأ ورياء» .
[٢] في الأصل: «وأتت رجالته» .
[٣] في الأصل: «خارج عن القتال عنكم يا مسلمين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>