[التفكر في أسماء الله تعالى وصفاته]
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وبعد: فهذه دعوة إلى محبة الله تبارك وتعالى بالنظر في أسمائه وصفاته، كل اسم من الأسماء الحسنى له معنى خاص ومعنى عام يلتئم مع بقية الأسماء، وكلما تدبر المرء طائفة من أسماء الله عز وجل التي تحمل معنى الجلال، مثل: الحي، والقيوم، والعظيم كل هذه تؤدي معنى الجلال على تفاوت بينها في المعنى، فكلما جمع المرء طائفة من الأسماء التي تختلف في المعنى العام سهل عليه أن يتدبر أسماء الله عز وجل، ثم ينظر في الكون ليرى أثر هذه الأسماء، ولا يعرف كيف يصل إلا إذا تدبر القصص وتدبر القرآن والسنة.
قصة الخشبة فيها تدبر معنى الكفالة، فأنت تعلم أنك عندما تعمل توكيلاً رسمياً لإنسان فهو قائم مقامك، وهذا شيء متعارف عليه عند الناس جميعاً.
فأنت عندما تقرأ اسم الله (الوكيل) فهو يقوي قلبك على العطاء، وقصة الخشبة عندما حكيتها في الإمارات أثرت جداً في رجل سمعها لأول مرة، وأثرت فيه كلمة واحدة في الحديث، والكلمة هذه وردت في رواية في صحيح ابن حبان، وإن كان الحديث رواه البخاري وانفرد دون مسلم.
عندما التمس الرجل مركباً وذهب إلى صاحبه بألف دينار أخرى بعدما رمى الألف دينار الأولى في البحر في الخشبة قال له: هل أرسلت إليَّ شيئاً؟ قال: هذا أول مركب.
قال: ارجع فقد أدى عنك وكيلك) هذه القصة كان لها أكبر الأثر، كأنها غزت قلبه: (ارجع فقد أدى عنك وكيلك)! والوكالة هذه إنما نقولها في باب العهد، إذا تعاهدنا على شيء.
إياك أن تجعل الله كفيلاً ووكيلاً وتخونه احذر! لو تحققت بأسماء الله عز وجل قوي قلبك وعلمت أنه لن يضيعك، والرجل لما جاء وقال: (اعطني ألف دينار.
قال له: ائتني بشهيد، قال: كفى بالله شهيداً، فأعطاه الألف دينار)؛ لأنه قلبك يقوى بوكالة الله، لاسيما إذا كان الحال لا يدل على ذلك.
وبعد ذلك لما حان موعد الوفاء جعل الرجل يسأل عن صاحبه، لأنه تأخر عليه، وكان من المفروض أن يأتيه في الموعد، فمر يوم ويومان وثلاثة والرجل لم يأت، فرفع رأسه إلى السماء وقال: (ربي إني أعطيت بك فأخلف عليَّ) خدعني بك، وكان يقول لي: كفى بالله شهيداً وكفيلاً ووكيلاً، وأنا لأنني أحبك وأعظمك قبلت بشهادتك، فأخلف عليَّ؛ لأن المال ذهب وانتهى، فأساء الظن بصاحبه.
والآخر لما رمى بالخشبة في البحر قال: (يا رب! جعلتك كفيلاً ووكيلاً، أنا قلت له: كفى بالله وكيلاً، كفى بالله شهيداً، وأنت وكيلي في هذه المسألة، فخذ هذا المال) فوثق بوكالة الله، ولو وكَّل إنساناً غداراً خائناً فإنه سيبيعه ويبيع أملاكه، ولا يمكن أن إنساناً آنس غدراً من إنسان أن يعمل له توكيلاً أبداً، لكن لما قال: (جعلتك كفيلاً ووكيلاً) والرجل تحقق بمعنى الوكالة، قال الآخر: فأنا كذلك لست أقل منه، جعلتك كفيلاً ووكيلاً، فأوصل هذا الدين إلى صاحبه، فتحقق هو بمعنى الوكيل، والوكيل بمعنى: الشهيد.