إذا رجعنا إلى سورة (ق) سنجد فيها إثباتاً للأسماء والصفات، كقوله تعالى:{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[ق:٢٩] أي: أنا إذا وعدت الثواب على الطاعة فإنه وعد لا تفريط فيه.
لكن إذا هدد بشيءٍ قد يتجاوز فيه تبارك وتعالى، وهذا من تمام كرمه كما قال عليه الصلاة والسلام:(إذا وعد الله عبداً على عمل فهو منجز له ما وعد، وإذا أوعد -أي: هدد - فهو بالخيار: إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له) ومعناه: قد يسقط عنه العقوبة، لكنه إذا وعد وعداً أنجزه، وفي السورة أيضاً إثبات للنبوات، وإثبات لخلق السماوات والأرض، وإثبات لسنته تبارك وتعالى الكونية في إهلاك الأمم الباغية الظالمة، وإثبات للخيانة وضعف الأرواح والأبدان، إلى آخر هذه المعاني، فهذه السورة حين تتدبرها تجد أنها جمعت الدين كله، ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يقرأها في كل جمعة.
فنسأل الله عز وجل أن يرزقنا فهم كتابه، وأن يجعل حبه أحب إلينا من الماء البارد على العطش.