[دعوة إلى مواجهة دعاة التحرير وعدم استعجال الثمار]
قاسم أمين صاحب الدعوة الباطلة المنحرفة لما جاء بدعوى تحرير المرأة أخذ يدعو إلى باطله السنوات الطوال حتى حصل على مراده في تغيير البنية الاجتماعية بعد سنة ثمانية وعشرين وإلى الآن ما زلنا نتجرع غصص هذا التحرر، وهذا الكتاب والتوصيات فهذا صاحب دعوة باطلة فكيف بدعوة الحق، فكن طويل النفس، ولا تكن مستعجلاً.
تنظر تحت قدمك، سيأتيك الفرج لو صدقت النية، والدليل على ذلك قصة المرأتين وحكاية موسى عليه السلام: {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص:٢٣]، انتبه للحالة هذه، صار له ثمانية أيام يمشي، ليل نهار، يأكل ورق الشجر، ثم أنه خائف، لو رأى شخصاً يحد النظر فيه لقال: هذا من حاشية فرعون، شخص خائف يتصور أن الشارع كله جواسيس، لو أن شخصاً قال له: من أين أنت؟ لقال: هذا يعرفني، عندما وصل موسى عليه السلام إلى مدين ورأى المرأتين، سألهن ما خطبكما؟ فأهل مدْيَن كلهم يتزاحمون على بئر، وكل واحد عنده عدد من الغنم، ويريدون أن يسقوا حتى يعودوا، ماذا تفعل امرأة أو امرأتان في وسط هؤلاء الرجال؟ {تَذُودَانِ} [القصص:٢٣]، لا يردن للغنم أن يختلطن مع الأخرى؛ لأنه لو اختلطت أغنامهما فقد تضيع الغنم: {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص:٢٣]، وما أخرجنا إلا أن أبانا شيخٌ كبير، وهذا أيضاً من الأمارات أنه لم يكن شعيباً، لو كان شعيباً؛ لكان له مكانة عندهم، فعلى الأقل كان سيجد من الطائفة المؤمنة من يفعل ذلك فموسى لم يحتمل هذا المنظر؛ لأنه أبيّ النفس قام {فَسَقَى لَهُمَا} [القصص:٢٤]، مكدود متعب جائع، ومع ذلك لما رأى المنظر هذا لم يتحمل، وهكذا أصحاب النفوس الأبية الكريمة، لا تبيت على الضيم طرفة عين، وتأباه فطرة وطبعاً، {فَسَقَى لَهُمَا} [القصص:٢٤]، سقى لهما في وسط المجموعة هؤلاء، فما الذي فعله؟ قام موسى وأحضر البهائم وسقاهن، وهذا كان بقوة موسى عليه السلام، وكان أيضاً بالوقار والمهابة التي كانت عليه وفي نفس الوقت كان قوياً.
يذكرون في الإسرائيليات: أن الجماعة بعدما سقوا أغنامهم قاموا كلهم ووضعوا صخرة عظيمة على فم البئر لكي لا يستطيع أن ينزعها، لكنه قام لوحده فنزع تلك الصخرة العظيمة، وسقى غنم المرأتين، فلذلك المرأة عرفت أنه قوي.
فلما سقى لهما، مشى ولم يلتفت إليهما، ولم يقل: أي خدمات، أنا موجود إذا أردتموني، سلموا لي على الوالد!! لا.
لذلك عرفت المرأة أنه أمين.
{فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} [القصص:٢٤]، هذا في حر شديد، وقت قيلولة، {فَقَالَ رَبِّ} [القصص:٢٤]، لاحظ لمن توجه؟ لم يطلب أجرة، ولا قال: أعطني خروفاً مقابل ما سقيت لكما، لا.
جرّد القصد لله، لذلك ماذا قالت الآية بعد ذلك: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:٢٥]، مباشرةً جاء الفرج، ليس بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أو أربعة، لا.
عندما يكون الرجل خائفاً؛ فإن الله عز وجل يؤمنه -كما تدين تدان- {فَسَقَى لَهُمَا} [القصص:٢٤] {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا} [القصص:٢٥]، الجزاء من جنس العمل.
فاحذر أن تستعجل! احذر أن تستعجل وتقول: هذا المجتمع كله مخالفات، وأنا لو التزمت وأجلست بناتي أو أجلست امرأتي في البيت وغير ذلك، فما الذي سأفعله أنا في هذا المجتمع كله؟! نقول: لا.
لا تحتقر نفسك ولا تحتقر جهدك؛ لأن الذي يبارك في الجهد القليل هو الله، وربنا سبحانه وتعالى قال: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:٨١].
اعلم أن كل هذا الذي يفعلونه سيكون كما قال الله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:٢٣]، كل الذي يفعلونه، ها هو النقاب مثلاً الحرب ضده قائمة على قدم وساق، ما من صباح ينشق فجره إلا وترى النساء قد التزمن بالنقاب، هناك نساء تركن العمل حرصاً على النقاب، ولو قلنا لهن: اجلسن قبل أن يعتقدن ضرورة الالتزام بالحجاب لما جلسن، إن الله عز وجل هو الذي يبارك في هذه الصحوة، فأنت لا تحقر نفسك، واجعل لك دوراً؛ حتى تذهب إلى الله عز وجل وأنت مرفوع الرأس.
وهذا أحد الصحابة لما دخل على القتال قال: اللهم لقني عدواً شديداً حرده، -يعني: شديد الغيظ عليَّ- شديداً بأسه -شديد القوة عليَّ- فيقتلني ثم يبقر بطني، ويجدع أنفي، ويقطع أذني، فتسألني فيم يا عبد الله؟ فأقول فيك يا رب، هذا هو الجهاد، أنا لا أريده أن يقتلني فقط، أريده أن يمثل بجثتي.
يفتح بطني، ويقطع منخري، ويقطع أُذُني، وتسألني لماذا يا عبد الله؟ فأقول: فيك يا رب.
وفي الحديث الصحيح لما تجلى الله عز وجل على الشهداء قال لهم: (تمنوا -ما الذي تتمنوا؟ - يقولون: يا رب نرجع فنقاتل فنقتل فيك).
ربك عزيز جداً، عزيز لو فعلت ما فعلت، ما أعطيته حقه ولا عُشر حقه، لماذا أنت واقف هكذا؟ يقول لك: ارجع ولا تريد أن ترجع!! لماذا هكذا؟ لا يكن الجماد خيراً منك!! إن الله عز وجل قال للسماوات وللأرض: {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت:١١] ائتيا هكذا أو هكذا، {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:١١]، لماذا لا تعود وحدك، وترجع إلى ربك مختاراً، بدلاً من أن ترجع مكرهاً ولا جميل لك؟.
فتكون راجعاً مكرهاً، فارجع مختاراً.
إذاً: الصحوة هذه لابد أن يكون لها قدوات، تقتدي الجماهير بها، وإذا كان أصحاب الالتزام لا يقومون بواجبهم حق القيام، فمن يقوم به؟ فهل يقوم به أهل الدنيا الذين لم يحققوا الالتزام حتى الآن؟ لكن اصبر على الحق المر ولو كنت وحدك، فإن الصبر من اسمه مُر.
نحن نحتاج يا إخواننا! أن ننقل هذا إلى بيوتنا، ونعمل لله تبارك وتعالى، وربنا سبحانه وتعالى قال لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى} [الأحزاب:٣٤] أين؟.
في المدرسة؟ في الجامعة؟.
{فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:٣٤].
فالمرأة إنما تتعلم في بيتها، هذا هو الأصل.
إذا كانت هناك مدارس خاصة للبنات، ولا يوجد فيها رجال، فأدخِل البنت فيها ولا بأس، تتعلم العلوم الشرعية تتعلم أحكام الله عز وجل، ما الذي يمنع منها الله عز وجل؟ وما الذي لا يحل لها فعله؟، فالبيت هو الأساس.
إذاً: تتعلم القرآن، وتتعلم السنة، وتتعلم حق الزوج، أول ما تتزوج يرى زوجها المرأة التي إن أقسم عليها أبرته، وإن نظر إليها سرته، وإن غاب عنها حفظته في عرضها، وفي نفسها، وفي ماله.
إذاً المرأة هذه ستربي لنا شباباً صالحاً، ونرى أن البنية الاجتماعية ستتغير، لماذا؟ لوجود أم صالحة وأب صالح.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا عباداً له، هذا ما نرجوه من الله، أن نكون عباداً لله، وأن يأخذ بأيدينا ونواصينا إلى الخير.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.
ربنا آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم اغفر لنا هزلنا وجدنا، وخطأنا وعمدنا، وكل ذلك عندنا يا رب العالمين!