بعد نحو عشر سنوات تقريباً جاء الشيخ الألباني حفظه الله إلى مصر سنة (١٩٧٦م) وحاضر في أنصار السنة في العابدية، لكنني ما استطعت أن ألتقي به، لكنني التقيت بالشيخ حفظه الله أول مرة (سنة ١٤٠٧هـ) لما رحلت إلى الأردن، وكان بصدد إصدار بعض الكتب، وأذكر أنه كان يوجد هناك طالب غال في حب الشيخ ناصر، والغلو لا يأتي بخير أبداً، وهو الآن عدو للشيخ الألباني، وهذا الطالب ذكره الشيخ ناصر في مقدمة كتابه (مختصر الشمائل) ذكر أنه لما نزل الأردن أخلى داره للشيخ الألباني وأهله، وذهب يستأجر لنفسه داراً أخرى لمدة ثلاثة أشهر، حتى بنى الشيخ الألباني داره التي يسكن فيها.
فهذا الذي تطوع هو الذي أعطى الشيخ الألباني فكرة سابقة عني، وهو الذي سهل لي أن ألتقي به، وإلا كانت المسألة صعبة جداً.
كان أعظم شيء اكتسبته في الرحلة إلى الشيخ الألباني الأدب، لا العلم، فمصاحبة العلماء مسألة في غاية الضرورة، وعندما رأيت الشيخ قلت في نفسي: إن هذا الرجل سقط سهواً من القرون الأولى، نظرة الحديث واضحة على وجهه، وتواضعه الشديد وهضمه لحجم نفسه.
قلت له مرة: يا شيخ! أنت قلت بأنه يجوز تقبيل يد العالم.
قال: العالم، وهل رأيت عالماً؟ قلت له: أنا أرى الآن عالماً.
قال: لا، أنا طويلب علم.
لا أنسى أبداً هذه الجملة، كم أثرت هذه الجملة في نفسي! هذه الرحلة بالرغم أنها كانت قصيرة قرابة شهر، إلا أنها كسرت هذا الأمر تماماً، وندمت أن الإنسان لم يبق في الأردن فترة طويلة يلازم الشيخ حتى يتعلم منه الأدب، لكن على أية حال هذا جاء مجمل الكلام على طلب الحديث خاصة.
وقد كنا نحضر في الجامع الأزهر عند كثير من المشايخ، ندرس الفقه والقراءات والنحو، وليس في سيرتي شيء أكثر يستحق الذكر.