لقد رأينا أناساً يرون في سماع القرآن الكريم مأتماً، فيرفه عن نفسه بسماع أغنية، أو بأن يلهو ويلعب وإذا زجرته قال: ساعة لقلبك وساعة لربك.
اسمع نصيحتي: ساعة قلبك لا تكون إلا لربك.
إن هذا القلب إن لم يكن له صلة وثيقة بالله عز وجل يظل دائماً في جحيم، إن ذكر الله عز وجل يريح القلب؛ ولذلك لما سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل وثيق يلقى الله تبارك وتعالى به قال:(أن تموت ولسانك رطب بذكر الله عز وجل) رطب بذكر الله عز وجل.
فالنبي عليه الصلاة والسلام آخى بين هؤلاء المستضعفين، وصارت هذه الأخوة عقداً نافذاً حتى بعد الممات، (ففي غزوة أحد أراد عمرو بن الجموح أن يقاتل، وكان رجلاً أعرج شديد العرج وكان له ستة أبناء من الفرسان -يعني: ليسوا كأي المقاتلين، بل هم من الفرسان، في مقدم الجيش- فقالوا له: يا أبانا! إنك ممن عذر الله؛ فإنك أعرج، فقال لهم: إنني أريد أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة فلا تمنعوني، ثم شكاهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: دعوه لعل الله يرزقه الشهادة، ثم دارت رحى الحرب وقتل عمرو مع من قتل، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفنه قال: ادفنوه مع فلان فقد كانا متحابين) يعني: أنه يحشر يوم يحشر مع من يحب، فانظر إلى هذا، وانظر إلى الذي يقول:(صديقي ريجن، صديقي كارتر)، ويعطيهم ود قلبه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(من أحب قوماً حشر معهم)، وفي الصحيحين:(أن رجلاً جعل يصرخ في القوم ويقول: يا محمد! أجبني وكان رجلاً من الأعراب فجعل القوم يغمزونه -أي: يقولون له: حسن عبارتك ولا تقل: يا محمد قل: يا رسول الله- والرجل لا يأبه ويصرخ حتى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا محمد! الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم -يعني: أعماله دون أعمالهم، هل يمكن له أن يراهم مثلاً في الجنة أو أن يكون مع من يحب في الجنة؟ - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل مع من أحب، قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام بشيء كفرحنا لهذه البشارة) لأنهم جميعاً يحبون النبي صلى الله عليه وسلم.
والنبي عليه الصلاة والسلام ساق لنا أحاديث كثيرة في المودة والمحبة وهذا التعاقد الأخوي، فقال عليه الصلاة والسلام:(يقول الله عز وجل: أين المتحابون بجلالي؟ أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)، المتحابون بجلالي، أي: الرجل يحب الآخر لله، لا للمال والمصلحة.
لا تخضعن لمخلوق على طمعٍ فإن ذلك نقص منك في الدين واسترزق الله مما في خزائنه فإن رزقك بين الكاف والنون أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.