فأي واحد يقول لآخر: أنت كافر، بدون أن يكون عنده برهان من الله عز وجل أوضح من الشمس في رابعة النهار عاد عليه الكفر، فلا تكفر إلا إذا أتى بفعل لا يحتمل غيره، والأدلة كلها تتظافر على تكفيره، وإلا فلا تكفر.
مثلاً: شخص قطع المصحف ودعسه برجله، فهذا كافر بدون أي توقف، والذي يتوقف في تكفير هذا وهو يعلم أن له عقلاً، فهو كافر بالله العظيم، بخلاف ما لو كان مجنوناً فهذا لا يكفر، والذي يقول: إنه سيدخل الجنة ولو مات على النصرانية، كافر؛ لأنه عارض حكم الله في الشخص إذا مات على النصرانية، ومن لم يكفر الكافر فهو كافر، وهذه القاعدة تنطبق على من كفره الله ورسوله أو من قام دليل قطعيٌ بكفره.
من قال إن أبا لهب في الجنة، أو شك مقال: هو كافر أم لا؟ فهو كافر؛ لأنه عارض حكم الله:{سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}[المسد:٣]، وما عدا ذلك فالإحجام عن إلقاء كلمة الكفر هو الأسدُّ والأبرأ للذمة، إذاً لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب، ولو كان كثير السيئات، فقد تطاله رحمة الله وعفو الله عز وجل، وقد يكون له حسنات تكفر سيئاته بها، كما لو نطق الشهادتين والروح تخرج فإنه يدخل الجنة وكل هذا وارد.
فلا نقطع لأحد بجنة ولا نار، فهذا العالم بيّن أنه لا يملك هذا الأمر، قال:(نعم).
وهذه الإجابة عن السؤال، ثم قال:(ومن يحجب عنك باب التوبة) يعني: لا أنا ولا أحد، فإن الله فتح باب التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها؛ ثم نصحه، وهذا شأن المفتي العاقل الذي يعتقد أنه بالنسبة للناس كالأب، وليس اسمه أنه يؤدي وظيفة فقط.