للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية حسن الخلق وفضله]

ومن حسن الخلق: الإحسان إلى الناس، فالإحسان يدق العنق، بل يؤثر في أحقر الحيوانات وهو الكلب مع ذلك إذا ألقيت له قطعة خبز أو لحم هز ذيله، -اعترافاً بالجميل- وأثر فيه إحسانك إليه.

ومن طريف ما يذكر في ذلك أن حاتماً الطائي رأى ابنه يضرب كلبة له، فقال: يا بني! لا تضربها، فإن لها علي جميلاً ومعروفاً.

فإنها تدل الضيفان عليَّ.

أي: إن الضيف يسمع نباح الكلب ويرى النار، وكانت النار والكلب وسيلتان في الجاهلية لإرشاد الضال، ولذلك كانوا يتخذون الكلاب، فالغريب السائر يتبع صوت الكلب؛ لأن الكلب لا يكون إلا في مجتمع أهلي، ولا يعيش إلا في سكن وبين ناس.

وقصص وفاء الكلاب معروفة، والإحسان يدق العنق، حتى إن تأثيره يتعدى إلى أرذل الحيوانات.

وقد صدق الحكيم الترمذي -وهو غير الترمذي صاحب السنن- إذ يقول: (ليس هناك حمل أثقل من البّر، من بّرك فقد أوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك).

أي: إذا أردت أن تدخل رجلاً سجنك -وأن تكون أشرف سجان- أحسن إليه، فإذا أحسنت إليه فلا يستطيع أن يوصل السيئة إليك؛ لسابق إحسانك إليه، ولكن إذا جفوته وشتمته فقد أطلقت لسانه في عرضك، يتكلم فيك بحرية؛ وهذا مصداق قول الحكيم الترمذي: (ليس هناك حمل أثقل من البر، من برك فقد أوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك).