الصحابة فتحوا الدنيا وصارت لهم دولة في عشر سنوات، وأنتم قد صار لكم قرن من الزمان لم تستطيعوا إرجاع قلامة ظفر من الخلافة الضائعة، المسلمون الآن مستضعفون، ولا قيمة لهم في ميزان الدنيا، بينما الرجل الأمريكي إذا جرح سهواً في أي زاوية في العالم تهتز له الدنيا.
في بعض البلاد العربية حدثت واقعة وأنا هناك: رجل يمني معه جنسية أمريكية، وهذا الرجل اليمني خالف إشارة المرور، وكان هناك دورية شرطة فتتبعوه وقبضوا عليه، فقالوا له: من أين أنت؟ فكلمهم بالعربي: أنا من اليمن من حضرموت.
فقالوا: هات الرخصة، وبدءوا يعاملونه بوقاحة وشدة، عندما عاملوه بوقاحة قام وتكلم معهم بالإنجليزية مباشرةً، وأخذ منهم الجواز الأول، وأعطاهم الجواز الأمريكي، واستمر يخاطبهم بالإنجليزية، وطلبوا منه أن يتكلم بالعربية كما كان، لكنه رفض.
قام استدعى السفير الأمريكي بتلفونه السيار، وجاء السفير، واعتذر ضابط الدورية، مع أن هذا الرجل اليمني ينبغي أن يعاقب، وهم يعرفون أنه عربي يمني، لكن عندما أخرج الجنسية الأمريكية صار صاحب منعة وقوة.
والمسلمون بالمئات يموتون في كل بلاد العالم، حتى إن أحط فرقة وهم عبدة البقر، قاموا وانتزعوا من المسلمين في الهند المسجد وحولوه إلى معبد، ولا صريخ ولا مغيث؛ لأنهم لا يزنون شيئاً على وجه الأرض في ميزان الدنيا، لذلك الرجل المسلم صاحب المهارات والقدرات العالية تراه يذهب إلى بلادهم، ويتمنى أن يصادقه أمريكي أو إنجليزي أو فرنسي أو ياباني، ويفتخر ويقول: أنا صديقي فلان، برغم أنه قد يكون أعلم من هؤلاء، لكنه رأى أنه ينتمي إلى أمة ضعيفة مما جعله لا يفتخر بها، والسبب الرئيس الدافع له على ذلك هو ضعف الإيمان بالله عز وجل.
لكن انظر إلى التاريخ البعيد إلى أيام المعتصم تلك الواقعة المشهورة وهي: أن رجلاً نصرانياً لطم امرأة مسلمة فقالت: وامعتصماه!! ورجل لا يربطه بالمرأة نسب، وإنما الرابط بينهما الدين، تأخذه النخوة التي استمدها من دينه ومن العز الذي كان المسلمون يعيشون فيه، فيقول: لأبلغن المعتصم، ويرحل إليه ليل نهار، حتى دخل على المعتصم وكوب الماء في يد المعتصم فقال: ما حاجتك؟ فحكى له ما حدث لتلك المرأة المسلمة من ذلك العلج النصراني، فوضع المعتصم كوب الماء على المنضدة ولم يشربه، وقال للساعي: احتفظ بهذا الماء حتى آتيك، كأنه ذاهب إلى مكان قريب.
وجرد الجيش العرمرم، وغزا تلك البلدة وفتحها، وأوسعهم قتلاً وتشريداً من أجل امرأة مسلمة لطمها علج نصراني، والرجل الذي ذهب إلى المعتصم، رجل مجهول لا نعرف اسمه ولا نسبه، وكذلك لا نعرف المرأة التي قالت: وامعتصماه! لكنهما كانا ينتسبان إلى أمة قوية، إلى أمة عزيزة؛ لذلك عز جانبها؛ فعز أفرادها.
إذاً ما هذا العقوق لجيل الصحابة؟! وكيف لا يكون للجماهير ردة فعل بأن تشجب وتستنكر تلك المطاعن؟! ففي سنة (١٩٧٧م) عندما ارتفع سعر الخبز من نصف قرش إلى قرش، والكيلو السكر من ستة عشر قرشاً إلى أربعين قرشاً اشتعلت القاهرة، وقاموا بتحريق المرافق العامة التي ينتفعون بها، حرقوها وفعلوا كل شيء من أجل رغيف خبز، بينما يطعن في صحابة رسول الله ولا نحرك ساكناً!! نحن نقول لكم: ينبغي أن يكون هناك ردة فعل عاجلة، اكتبوا واستنكروا هذا أقل ما للصحابة في أعناقنا، فهذا الدين لم يصل إلينا إلا على دمائهم وأشلائهم، فقد ضحوا بكل غال ونفيس حتى وصل إلينا هذا الدين.