للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخصال التي تراعى في الزوجة]

الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، {يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب:٤]، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

فأول شرط في البحث عن خصوبة الأرض: أن تكون الأرض صالحة لوضع النطفة، والصلاح للأرض (المرأة) هنا إنما يقصد به صلاح الدين، فإذا صلح دين المرأة زكت كل خصالها، وأما الصفات الأخرى التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام لو بحثت عنها لم تكن آثماً: المال والجمال والحسب.

وهناك حديث ضعيف جداً أورده الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتاب الموضوعات -وبعض الناس يحتج بهذا الحديث- ويقول: (من تزوج امرأة لحسبها لم يزده الله إلا ذلاً، ومن تزوج امرأة لمالها لم يزده الله إلا فقراً) إلخ، فهذا الحديث من جهة السند لا يصح، إذ سنده ساقط، ومن جهة المتن يعارض حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الصحيح: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها) وهذا الحديث في الصحيحين، فهنا مباينة ومعارضة صريحة بين هذا الحديث الصحيح وبين ذاك الحديث الذي ذكرنا أن سنده ساقط.

لكن الدين اجعله محور الارتكاز، ثم إن شئت أن تبحث عن المرأة اختر هذه الصفة الأخرى، وهي: أن تكون بكراً؛ لأن للبكارة تأثيراً عجيباً في استقرار الحياة، والمرأة عندما تتزوج تكون شديدة الوفاء لأول إنسان يدخل في حياتها.

قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر ذات الدين: (تربت يداك) و (تربت يداك): معناها تعلقت يداك بالتراب، وهذا كناية عن البركة، فكل خير من التراب والطين.

عبدة الشيطان لا يعرفون هذه الحقيقة، إبليس -عليه من الله اللعنة المتلاحقة إلى يوم القيامة- قاس قياساً منكوساً معكوساً وهو يحاج الله تبارك وتعالى {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:١٢] فالطين مصدر كل خير، والنار مصدر الدمار والخراب، فانظر إلى هذا الجاهل كيف قاس الشيء على نقيضه! إنما يقبل القياس إذا كان قياس النظير على النظير، لكن قياس الشيء على نقيضه لا يقبل أبداً إذ هو معكوس منكوس، والطين مصدر الخير والنماء والبركة، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم له: (فاظفر بذات الدين بورك لك) ولا مانع أن يراعي الرجل الثلاث الصفات الأخرى، لكن يجعل الدين محور الارتكاز، فذات دين جميلة أفضل، فإن الجمال يرد ما في نفس الرجل، وعند أن تكون ذات دين وحسب، فالحسب يدل على كرم المحفد، والحسب مطلوب، فعراقة الحسب لها أصل وتأثير في الفرع!