ومن الفوائد العظيمة التي تستقى من حديث الإفك: أن ضرب الرأس هو أعظم مصيبة يصاب بها المجتمع.
فالرأس مع بقية المجتمع مثل السهم، فإن الرأس المدبب في مقدمة السهم إذا كسر، لا يستفاد ببقية السهم في الاختراق، فحفاظ المجتمع على رأس السهم ضرورة، ولو ضاع رأس السهم لضاع الكل خلفه، وليست هناك لنا أي مصلحة في تدمير رءوس المسلمين، بل أعداؤنا يرون في تدمير الرءوس خفة مئونة.
إذا أسيء الظن بالرأس فسدت المبادئ والقيم، ولذلك فأعداؤنا يحرصون على تشويه سمعة علمائنا، وعلماؤنا هم رءوسنا، بهم نمضي، وبغيرهم نحن ضائعون، وتعرف قيمة المجتمع بكثرة علمائه الذين يدلون على الله، لا بكثرة أطبائه ولا مهندسيه ولا فدائييه، إنما المجتمع يقاس بكثرة علمائه أو بقلتهم، بعزهم وشرفهم أو بمهانتهم.
فهذا المنافق صوب السهم إلى عائشة رضي الله عنها ليتهم النبي صلى الله عليه وسلم فيها، وهكذا لو أن رجلاً رأساً أشيع عنه أنه زانٍ، أو أنه مرابٍ، أو أنه فاجر، فإنه إذا صعد على المنبر وأمر الناس بتقوى الله لا يكون لكلامه رصيد، فنكون قد ضيعنا كل هذا المجتمع بفساد واحد، وصدق من قال: إذا زل العالمِ زل بزلته عالَم.