إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم صل على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد.
روى الإمام الترمذي في سننه -وصححه- من حديث زر بن حبيش رحمه الله قال:(أتيت صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه، فلما رآني قال: ما جاء بك يا زر؟ قلت: ابتغاء العلم، فقال: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب، فقال له: إنه قد حك في صدري شيءٌُ في المسح على الخفين، وكنت امرأً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهل عندك عنه شيء؟ قال: نعم، أمرنا إذا كنا سفْراً -أي: مسافرين- أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط أو بول أو نوم، فقلت له: هل تذكر في الهوى شيئاً؟ قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سفرٍ، إذ ناداه أعرابيٌ بصوتٍ له جهوريٍ: يا محمد، فقلت له: ويحك، اغضض من صوتك، أولم تُنْه عن هذا؟ فقال: والله لا أغضض، فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحوٍ من صوته: هاؤم، فقال: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: المرء مع من أحب، فما زال يحدثنا حتى أخبرنا أن لله تبارك وتعالى باباً لا يغلقُ حتى تطلع الشمس من مغربها، عرضه سبعون -أو قال: أربعون ذراعاً- جعله الله تبارك وتعالى للتوبة).