للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دور سعد زغلول في الدعوة إلى السفور والانحلال]

أيها الإخوة الكرام: ينبغي على الذين يتصدون للإصلاح، أصحاب الدعوات الإصلاحية، أن لا يغفلوا قراءة، مذكرات الساسة، ومذكرات من كان لهم حق إصدار القرار والتشريع، ليعلم أين الداء فيضع الدواء في موضعه.

لما قرأت مذكرات سعد زغلول، وسعد زغلول تعرفون أنه زعيم وطني حسب زعمهم، وقاموا بتلميعه، وأنه قائد ثورة تسعة عشر، أراد هذا الرجل أن يخرج لنا ديناً ممسوخاً، إنه لا يعرف شيئاً عن الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم ولا أيام البطولات، عندما تقرأ في الكتب المدرسية تجد أنهم يعرضون تاريخنا بصورة مختصرة شوهاء، ليس فيها تمجيد، إنما فيها حكايات تلقى.

مثلاً: كتب التاريخ عندما يتكلمون عن الجاهلية والإسلامُ، العبارة هذه حفظناها في الكتب، يقول لك: جاء الإسلامُ والجاهليةُ تَعُمُّ جزيرة العرب، فقد كانوا يشربون الخمر ويئدون البنات، ويلعبون بالميسر، هذا فقط!! يعني: الإسلام لما جاء كانت هذه هي أخلاق الجاهلية.

فالجماهير عندما لا تجد وأد البنات، ولا تجد أن هناك أصناماً منصوبة تعبد.

ولا تجد شرب خمر علني ولا ميسر علني، يتصورون أن الإسلام متربع في طول البلاد وعرضها، ولا يدرون أبداً أن الإسلام جاء ليحكم، فهذا غير معروف لديهم، حتى صارت مواصفات الجاهلية عند الجماهير هي: وأد البنات، وشرب الخمر، وعبادة الأصنام.

وطالما أن الأصنام غير منصوبة ولا موجودة لنعبدها، فنحن على الإسلام، وتغافلوا عن إنما مسألة توحيد الألوهية، وأن الإسلام جاء ليهيمن، ويكون الحكم لله وحده، فالمسألة هذه لا يناقشونها، وحين يعرضون القضية يعرضونها بطريقة شوهاء مختصرة، ليس فيها تمجيد وليس فيها بطولات تسترعي الانتباه، فهذا العرض الذي هو لتاريخنا عندما يعرضه جاهل، ويأتي الزعماء الجدد، ويلمعون من كان خائناً لدينه وأمته، وكيف أن سعد زغلول لما نفاه الإنجليز صبر على النفي وعاد بطلاً، فحين نتتبع هذا الإنسان ونرى صفاته نرى أنه - سعد زغلول - يشرب الخمر، وكل الذين أرّخوا له اتفقوا على هذه الحقيقة.

لكن اعتذر له عباس محمود العقاد وذلك بأنه كان عنده ألم في المعدة، وأن الأطباء نصحوه بشرب الخمر، هذا أحسن اعتذار عنده، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم جاءه رجل يسأله أن يتداوى بالخمر قال: (إنها داء وليست بدواء)، و: (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم).

وهناك أدلة كثيرة تدل على حرمة التداوي بالخمر، فإذا حرم الله عز وجل شيئاً على الناس، فإنه لا يجعل فيه دواءً وذلك سداً للذريعة؛ لأنه قد يأتي شخص يريد أن يشرب الخمر ويقول: أنا مريض وقد نصحني الأطباء بشرب الخمرة، وإغلاقاً لباب الذريعة والتحايل لم يجعل الله شفاء الأمة فيما حرم عليها.

فلما نقرأ سيرة هؤلاء، نعلم أنهم لا يصلحون أن يكونوا قدوة، فأبناء أجيالنا متأثرون الشائعات الكاذبة والتضخيم والتلميع الذي يحصل لهذه الشخصيات، فإذا ذكر أمامك أحد هؤلاء في محل القدوة فلا تسكت ووضح للناس زيفه ومكره.

فلا بد أن نقرأ مذكرات الساسة الغربيين الذين يلعبون بنا لعب الكرة، والكلام هذا إنما يهتم به القائمون على الدعوات الإصلاحية، لا يعني ذلك أن كل الناس يذهبون ويشترون المذكرات، ويظلون يقرءون، لا.

الأصل أننا نتفقه في ديننا، هذا هو الأصل، لكن الذين يدعون إلى الإصلاح لا بد أن يكونوا عالمين بأعدائهم، وبطرقهم التي يحاولون إفساد جيل المسلمين بها.