الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
(ما كان الموت في ضيقٍ إلا وسعه، ولا في واسعٍ إلا ضيقه).
الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فتنة القبر كثيرة: منها: حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أوحي إليّ أنكم تفتنون في قبوركم كفتنة الدجال أو قريب من فتنة الدجال) فلما سمع الصحابة بذلك أجهشوا بالبكاء، حتى إن أسماء لم تسمع الحديث.
فتنة الدجال قال صلى الله عليه وسلم عنها:(ليست هناك فتنةٌ من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة أعظم من فتنة الدجال).
ففتنةُ الدجال سر خطورتها أنها تكون في زمن قلة العلم وقلة العلماء، والدجال كما قال عليه الصلاة والسلام:(يأتي بالرجل يمزقه، ويقطعه قطعاً قطعاً صغيرة، ثم يقول له: قم، فيقوم متهللاً ضاحكاً) فتخيل أن أمامك واحد قطع إنساناً قطعاً، ثم قال له: قم، فاستوى بشراً، أي فتنة أعظم من هذه؟!! وإذا مر على أرضٍ خربة فيها ذهب يقول للكنوز التي في الأرض: اتبعيني، فتخرج الكنوز من الأرض تتبعه كيعاسيب النحل، وعنده جنةٌ ونار، فهذه فتنةٌ عظيمة! وأعظم ما فيها غياب العلماء، كل يوم يمر على الناس والعلم يتناقص، وسر تناقص العلم موت العلماء، فعالمٌ ملأ الأرض علماً لما دفناهُ دفناه بعلمه، فمن الذي يخلفه على نفس كفاءته، وعلى نفس إحاطته بالعلوم، وفي ورعه وزهده؟!! قليل، وهكذا دواليك إلى أن تقوم الساعة، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إنه يسرى على القرآن في ليلة، فلا يبقى على الأرض منه آية) ينزع القرآن من صدور الناس، كما قال عليه الصلاة والسلام في الأمانة:(ينام الرجل في فراشه فتنزع الأمانة من صدره).
فأعظم فتنةٍ تشهدها البشرية إطلاقاً فتنةُ الدجال، والنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ذكر فتنة الدجال، حتى إنه ذات مرة كان يخطب فجعل يرفع فيه ويخفض قال الصحابة:(حتى ظنناه في طائفة النخل) أي: أكثر من الكلام عليه، ظننا أنه جالس بين النخل، وكان يقول لهم:(إن خرج الدجال وأنا فيكم، فأنا حجيجه -أنا الذي سأناقشه، وأقيم الحجة عليه- وإلا فكل امرئٍ حجيج نفسه).
ثم وصفه النبي صلى الله عليه وسلم لهم فقال:(إنه أعور العين اليمنى وربكم ليس بأعور) لأنه سيقول: أنا ربكم، وسيتبعه أناسٌ كثيرون؛ بسبب قلة العلم، وقلة العلماء الذين ينبهون الناس أن هذا كافر، وأن هذا ليس بإله.