[خطر ذم الصحابة والتنقص منهم]
وفي الآونة الأخيرة إتماماً لما بدأه الرافضة والمستشرقون؛ نسمع صيحات ولافتات على صفحات الأهرام لإعادة كتابة التاريخ الإسلامي؛ لأن المؤرخين المسلمين -حسب زعمهم- خونة، فقد كانوا يرضون الحكام، فإذا كانت الدولة أموية، شتموا في العباسيين، وإذا كانت الدولة عباسية شتموا في الأمويين، وهكذا خرجوا بأن علماء المسلمين خونة.
وأخرجوا كتباً في ذلك، وقالوا: تريدون أن تحكمونا كما حكمنا معاوية؟! إن معاوية بن أبي سفيان، ذاك الرجل الحليم الحكيم الذي حكم المسلمين عشرين سنة وما اشتكى منه أحد، وكان كاتباً لوحي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استخلفه عمر على الشام، وقد كان يضرب به المثل في الحلم والسياسة، وهو داهية من دهاة العرب رضي الله عنه.
فهم يصورون الخلاف الذي حصل بين علي ومعاوية أنه خلاف دنيوي، ويقولون: هؤلاء هم الصحابة الذين أنتم تريدون أن تتأسوا بهم، هم هؤلاء الذين وردت فيهم الأحاديث المكذوبة -حسب زعمهم-.
والمسلسلات الدينية التي ينشرها أصحاب التنوير المزعوم -وفيها بعض الصحابة- يقصد منها تشويه صورهم الجليلة، لأنه حين ينطبع في ذهن المشاهد أن عمار بن ياسر هو فلان الفلاني الذي يمثل في هذا المسلسل، تذهب الأسوة به، فلذلك العلماء يقولون: القضايا العظيمة لا يتكلم فيها إلا بإتقان؛ لأن صورتها تضعف.
مثلاً: في قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا تكلم فيها أي إنسان لا يفقه شيئاً، فالقضية نفسها تذوب، وقيمتها تقل، إنما حين يتكلم فيها الراسخون تظل قيمتها كما هي.
الصحابة رضوان الله عليهم يعتدى الآن -وبكل وقاحة- على شخصيات منهم كما حصل في جريدة في مصر، بأن كُتِب: أن أبا هريرة كذاب يكذب على الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس مقصودهم أبا هريرة، وإنما يقصدون سد باب الإسلام وإبطال نقل الوحيين عن هؤلاء الصحابة الكرام، وقد تسمع في غدٍ أن شخصاً آخر غير أبا هريرة يكذب.
فالكلام عن الصحابة رضوان الله عليهم واتهامهم بالكذب أخطر على الدين من خطر الإيدز على أصحابه.
أمة تهين أسيادها هذه الإهانة تذل والله.
إن المجتمع الغربي يلمع أناساً على أساس أنهم عمالقة، وهم سذج أصحاب شهوات وجنس، وأعظم واحد عندهم لا يساوي شراك نعل واحد عند المسلمين، ومع ذلك لا يسمحون إطلاقاً بتشويه سير العظماء عندهم.
المهم: أن الخرق اتسع على الرَّاقِع، والمسألة تحتاج إلى وقفة جادة، وهاهو رمضان شهر مبارك قد أقبل، وفيه تعرض أكبر نسبة من البرامج والمسلسلات التي تهدم دين الله عز وجل، فأين حرمة رمضان؟! الناس يقبلون على الله عز وجل، وهؤلاء ينفقون الملايين في هذا الشهر ليشغلوهم عن عبادة الله، برغم تحذيرات المفتي وشيخ الأزهر واعتراض العلماء على ذلك، لكن ليس له أكثر من أن يعترض فقط.
وبقي الأمل على الجماهير، فالمسألة بأيديهم، فأنت ابدأ أول خطوة من البيت، رب ولدك على النهوض بالأمة والدعوة، لأن اليهود يربون أولادهم على خدمة المصالح والأهداف والمبادئ، ففي حرب (٦٧م) كانوا لا ينامون وهم يملكون مائة وعشرون رأساً نووياً، ونحن محرومون من أي مفاعل نووي حتى للأغراض السلمية، وتفتيش دوري، وإسرائيل عندها مفاعلات نووية وتنتج القنبلة الذرية، وهم أربعة مليون فقط، ورحمة الله على الشيخ المطيعي فقد كان يقول: (لو كل واحد منا بصق بصقة لأغرقناهم) أي: اليهود، لكنه الخور، خور القلب.
وليس لنا إلا طريق الله عز وجل، وقد جرب زعماؤنا كل الطرق الفاشلة، ونحن نقطع أنها فاشلة، فليس هناك إلا طريق واحد فقط لا غير، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وليست الطرق إلى الله كعدد أنفاس البشر -كما يقولون- فالطريق واحد فقط، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم نسأل الله تبارك وتعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.