وكان النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمره يلتزم الرفق واليسر، حتى لما أمر ابن عباس أن يلتقط له حصيات رمي الجمرات بمنى، ماذا قال له؟ قال له:(مثل حصا الخذف، وإياكم والغلو! فإنما أهلك الذين من قبلكم غلوهم في دينهم) تأمل هذا الحديث! تأمل هذا الأمر ما أجمله! قال لـ ابن عباس: (مثل حصا الخذف) حصا الخذف الذي هو بقدر حبة الفول، وأصل الخذف: أن تضع حصاة في النبل وترميها، فإنك إذا أردت أن تخذف، فستختار أصغر الحصيات، فلا يختار الإنسان طوبة كبيرة ليخذفها، فقال:(مثل حصا الخذف -بقدر حبة الفول- وإياكم والغلو) الغلو هنا في ماذا؟ في جمع الحصا، لا يعمد أحدكم إلى أن يختار حصا أكبر من حصا الخذف، فالذي يختار حجارة كبيرة قد أو قع نفسه في الغلو (مثل حصا الخذف وإياكم والغلو) يعني: بأن ينتقي أحدكم حصاة أكبر من حصا الخذف لماذا؟ لأنه إذا غلا في حصاة غلا في أمر آخر، وهكذا الغلو.