تفسير قوله تعالى:(لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ)[الغاشية:٧]
السؤال
ما هو تفسير قوله تعالى:{لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}[الغاشية:٧]؟
الجواب
{ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}[الغاشية:٧] أي: أنه يأكل فلا يشبع، ويشرب فلا يرتوي، فيظل دائماً يقول: أنا جوعان، أنا عطشان، أي: يأكل الزقوم باستمرار ويشرب ماء الحميم باستمرار، وهذا أدعى لعذابه، أي أن هذا لا يسمنه ولا يغني عنه جوعه، فتظل حاجته دائماً إلى الطعام والشراب.
أما بالنسبة لأهل الجنة -نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من أهلها وإخواننا المسلمين جميعاً- فإن جسوم أهل الجنة تختلف عن جسوم أهل الدنيا، فهذا الجسد يفنى بعد موت الإنسان وتظل الروح فقط؛ لأن الله تبارك وتعالى يوم قضى علينا أن ننزل في هذه الدنيا قال للروح: اركبي هذا البدن، فالبدن مركوب فقط لكي تمضي بك الحياة الدنيا، {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}[الملك:٢]، وبعد أن يموت الإنسان ما عاد له أي حاجة من هذا الجسد، فهذه الروح ستذهب إلى الجسد الخاص بها إن كان في الجنة أو في النار.
ولذلك جاء في الحديث الصحيح:(أهل الجنة على طول آدم ستين ذراعاً) فكل أهل الجنة ستون ذراعاً، وعلى خلق آدم، جميعاً كنفسٍِ واحدة.
فهذا الجسد -الذي هو كجسد آدم- يناسب الخلود، لذلك لا يمرض، ولا يهرم، ولا يشيخ، ولا تصيبه العلل، وهذا يُفهم من قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:(يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فيؤتى بالموت على هيئة كبش فيُذبح بين الجنة والنار، فيُقال: يا أهل النار! خلود فلا موت، ويا أهل الجنة! خلود فلا موت).
فهذه الأبدان مركبة بشكل خاص بحيث تناسب الخلود، ولذلك في الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ضرس الكافر في النار مثل جبل أحد) إذا كان ضرسه فقط كجبل أحد، فما بالك برأسه ويديه ورجليه وكتفيه؟! فكل الموجودين في النار لهم أبدان تناسب النار، وكل الذين يدخلون الجنة -ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهلها- لهم أجسام تناسب هذا الخلود.
إذاًَ: لا نقيس ما نجده في حياتنا الدنيا الآن من الهرم والتعب وغير ذلك من الأشياء على الحياة الأخروية؛ لأن لها مقاييس تختلف تماماً عن مقاييس أهل الدنيا والله أعلم.