للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقوع القتل من الأنبياء]

فإن قلتَ: إن موسى عليه السلام قتل نفساً والقتل من الكبائر، وكبائر الذنوب لا يقع فيها الأنبياء؟ فأقول: نعم، إن موسى عليه السلام لم يعمد إلى قتل هذا القبطي أبداً، إنما أراد أن يكف بأسه عن الإسرائيلي، فلما وكزه ولم يرد قتله، لكن القتل وقع خطأ والله عز وجل يقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء:٩٢] فأثبت لهم الإيمان برغم الخطأ وهو القتل، ومع ذلك لا يزال مؤمناً ووصف الإيمان وصف له، كما قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات:٩] فأثبت لهم الأخوة الإيمانية مع وجود القتال.

وقد روى مسلم في صحيحه من حديث سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال: يا أهل العراق! ما أسْأَلَكم عن الصغيرة وأرْكَبَكم للكبيرة -يعني: ما أشد سؤالَكم عن السفاهات وما أشد ركوبَكم للكبائر- أما أني سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الفتنة تجيء من هاهنا، وأشار إلى المشرق، وإن موسى -عليه السلام- إنما قتل القبطي خطأً، وقد قال الله عز وجل له: {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه:٤٠]).

فهو قتل هذه النفس خطأً.