للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العقول لا تستقل بمعرفة ما يحبه الله ويرضاه]

إن العقول لا تستقل بمعرفة ما يحب الله ويرضى، ولذلك كان الشرع هو الحاكم على العقل، فمثلاً هل الربا بالنسبة للعقول منكر؟ ليس بمنكر؛ بل فيه مصلحة، فالرجل ينمي أمواله، لكن الشبهة التي دخل منها المفتي بتحليل الربا، هي أن: كلا الطرفين مستفيد.

مثلاً: مر رجل بضائقة مالية، ففرجت عنه وأخرجته من ضائقته، فهو إذاً مستفيد.

وفي نفس الوقت صاحب رأس المال لا يعطل ماله، فعندما يخرج ماله بفائدة يكون قد استفاد، فالمقرض والمستقرض مستفيدان، هذا هو العقل!! وهذا هو الحال! لكنَّ المآل إلى الخراب، فهذا (بنك الاعتماد والتجارة)، وهو بنك شيوخ الخليج، وشيوخ البترول، الدنيا كلها كانت تتصور أن أي بنك في العالم يمكن أن يفلس إلا (بنك الاعتماد والتجارة)؛ لأنه مسنود، فشيوخ الخليج يضعون أموالهم فيه، ومع ذلك فأول بنك أفلس هو بنك الاعتماد والتجارة! والذين يمسكون بعجلة المال هم اليهود، أكلة الربا، وأكلة أموال العباد ولحومهم.

فلو استقلت العقول ونظرت لقالت: ليس في الربا بأس! بل لقالت: ليس في الزنا بأس! سيقولون: الرجل الفقير الذي لا يستطيع أن يتزوج ويريد أن يقضي حاجته، فلماذا تعكرون عليه؟ ولماذا تحرمونه؟! والشيعة عندهم مذهب زواج المتعة، الذي أراد أحد الهالكين على مدار واحد وثلاثين مقالاً أن يحله عندنا، وتهكم بمذاهب الفقهاء الأربعة، وتهكم بشيوخ الأزهر الذين ردوا عليه، وقد جاء في الموسوعة الفقهية، وهي موسوعة الفقه الإسلامي التي أخرجتها وزارة الأوقاف في (الستينيات): زواج المتعة أنك تشترط مدة في أصل العقد، كأن تقول: أنا سأتزوج هذه المرأة يومين، أو شهرين، أو سنتين، أو عشر سنين، أو عشرين سنة فهذا لا يجوز.

قالوا: أنتم تعسرون على الشباب، والشاب الآن لا يملك إلا هذه الساعة، فاتركه يتزوج يومين لا يملك إلا ثوباً واحداً اتركه يتزوج ثلاثة أيام عنده عشرة أو خمسة عشر جنيهاً، اتركه يتزوج ساعتين هذا هو زواج المتعة، أليست ظاهرة تيسير على الشباب المحروم؟! الذي حرقنا دمه وجففنا كبده بقولنا له: صم! يأتينا شاب فيقول: أنا شديد الشبق، ولا أستطيع الزواج، فنأمره بالصوم.

وهذه وصية الرسول عليه الصلاة والسلام: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم)، مع أن هؤلاء الشباب لهم مخرج على مذهب الشيعة، وهو أن يتزوج يومين أو ثلاثة أو أربعة.

فانظروا إلى استقلال العقول! فلو استقلت فلن تعرف ما يحبه الله ويرضاه؛ لأن الله عز وجل قد يأمر بالأمر الذي يصعب على العقل إدراك حكمته، فمثلاً: سعي هاجر عندما سعت بين الصفا والمروة، لقد كانت تبحث عن الماء، فقد يقول قائل: لماذا نسعى نحن بين الصفا والمروة، نحن نسعى على الرخام؟ وهناك تكييف مركزي في المسجد الحرام، إذاً المسألة مسألة شكلية محضة، فليس هناك إرهاق ولا تعب حتى نشعر فيها بتعب أم إسماعيل.

فلماذا نفعلها حتى الآن؟ لماذا نطوف بالكعبة؟ لماذا نقبل الحجر الأسود؟ ولماذا نحلق؟ هذا كله ليس له جواب على مقتضى العقل، فقد يأمرك الله عز وجل بالفعل ابتلاءً بلا علة.