[حقيقة زاوج المسيار والمفاسد المترتبة عليه]
إن قضية تحرير المرأة تحتاج إلى إعادة نظر، فالمرأة ما حُرِّرت إلا من دينها فقط، هذا المختصر المفيد لقضية تحرير المرأة، وكل يوم يعملون عملية إحلال وإبدال في التشريع والدستور، فهم يريدون أن يعطوها حرية أكثر، يريدون أن ينزعوا سلطان الرجل عليها، وآخر هذه الدعوات وإن كان ظاهرها مشروعاً، لكنها ستؤثر حتماً في البنية الاجتماعية تأثيراً خطيراً بالغ الخطورة ومن يعش سيرى: (فستذكرون ما أقول لكم) زواج المسيار الذي بدأ ينتشر في القاهرة والإسكندرية والدقهلية، وبدأ ينتشر في الجامعات على وجه الخصوص، وكذلك الزواج العرفي في الجامعات كثير جداً، تأتي البنت وتقول للشاب: أنا وهبت لك نفسي، وتذهب كل يوم إلى المحاضرات مع هذا العشيق العشنّق! وحبوب منع الحمل كافية والحقنة التي يأخذونها كافية، وتركيب الواقي البلاستيكي كافٍ، ولا يدري الوالد أن البنت متزوجة، وتذهب إلى بيت العشيق، ولا تذهب إلى الجامعة، وهذا الكلام ما عرفناه إلا من الصحافة، وقد تكلم أناس كثيرون عن هذه الظاهرة الغريبة، التي هي ظاهرة الزواج العرفي في الجامعات.
وزواج المسيار، هو أن يحضر الولي وشاهدان، وفيه إسقاط المرأة لمهرها ونفقتها، والرجل هذا ليس عليه أي مسئولية نهائياً، فالمرأة تقول: أنا أريد رجلاً فقط، أي: لا تريد أن تأكل ولا أن تشرب، تريد رجلاً يحميها، رجلاً يكون بجانبها، وعادة ما يكون هذا الرجل متزوجاً لكي لا تعلم المرأة الأولى بزواجه، وهذا الذي يحصل في الخليج والبلاد المجاورة.
وهذا هو خلاصة زواج المسيار، فليس على الرجل أي مسئولية، فالمرأة تُسقط النفقة والمهر، وإذا أعطاها بعض المصروف فخير وبركة، وإن كان ليس معه مال فتقول له: أنا سأصرف على نفسي، بل هناك بعض النساء تنفق على الرجل.
والرجل يقول: أنا لا أريد أولاداً منك، فتوافق على ذلك ولو أن هذه المرأة أنجبت من جراء هذا الزواج الشرعي، الذي فيه ولي وشهود، فالمرأة ستضحي؛ لأن الرجل أخلى مسئوليته ابتداءً من الأولاد، وبالتالي لا يهتم بهم، وهذا سيؤثر تأثيراً بالغ الخطورة في المجتمع فيما بعد، سيأتي أولاد ليس لهم أب يربيهم.
إذاً: زواج المسيار قائم على المتعة فقط، فإذا كان هناك زواج شرعي بولي وشهود، فسيكون مقابله مائة زواج غير شرعي، وذلك بحضور شاهدين اثنين، يقول لك: هذا على مذهب أبي حنيفة، كما هو الحاصل الآن! إذاً: زواج المسيار حضور البنت مع الوالد مع الشهود، ويذهب الجميع إلى المحامي ويعملون عقداً، وكثير من الناس يتزوجون بهذه الطريقة، فكيف إذا كانت المرأة هي التي تعرض نفسها وتسقط حقها، فهذا مهانة كبيرة للمرأة حقيقة، فلو كانت هذه المرأة زوجة رابعة لكان أشرف لها؛ لأنها زوجة، والرجل متكفل بنفقتها وأولادها، ويقسم لها مع سائر زوجاته، ويقوم برعاية أولادها ورعايتها.
لكن هؤلاء المنحرفون كل يوم يستحدثون للنساء أشياء جديدة لم تكن معروفة من قبل ذلك، بقصد تقويض بنيات هذه الأمة.
الذي يميز هذه الأمة المسلمة أن النساء حتى الآن عندهن حياء.
وتأمل موقف المرأة مع موسى عليه السلام، فهي لم تضحك ولم تمزح معه، لكنها جاءت على استحياء: {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص:٢٥]، إن أبي يدعوك، المرأة لم تقل: تعال لكي نجزيك، وأنت رجل أمين، وجزيت خيراً، ووجهك عليه نور، ولم تقل له: أخبرني ما حكايتك؟ لا.
إنها بنت متربية ملتزمة.
من بيت ملتزم والالتزام ليس في اللحية، ولا في لبس الثوب القصير، وليس معنى ذلك أن لا تعفي لحيتك، وأن تلبس الثوب المسبل، لا.
الالتزام أن لا تتهجم على حكم الله، هذا هو لب الالتزام.
إذا قيل لك: افعل كذا، فافعل ما أمرت به، هذا هو حق العبودية، هذا حق الله على العبيد.
قال في الحديث: (أتدري ما حق الله على العبيد؟ قال: الله ورسوله أعلم.
قال: حقه أن يعبدوه لا يشركوا به)، لا في العبادة، ولا في القرارات، ولا في الأحكام، لا يشركوا به شيئاً، لا يتلقى الأوامر إلا من الله، فيُعرف قدر الإنسان وقدر التزامه بوقوفه عند الأوامر والنواهي.
فالذي يميزنا نحن الأمة المسلمة هو حياء نسائنا.
وبعض الصحفيات الأمريكان اللاتي جئن إلى مصر وعشن فيها طويلة كتبن يقلن: إنهن يتمنين أن يرين في أمريكا ما رأينه في مصر، من احتجاب النساء، وعدم مخالطة النساء للرجال، وقالت إحداهن: إني رأيت في المرأة أموراً عجيبة هناك، بينما هي في الغرب مجرد سلعة، إن عملت أكلت، وإن لم تعمل لا تأكل، فيه تعمل أي عمل حتى البغي.