[مطالبة البنت بحق التعليم أول خطوة اتخذها الأعداء]
بدأت البنت تطالب بحق التعليم؛ والبنت لها الحق في التعليم، هناك مدارس للبنات، ليس فيها إلا امرأة ما عدا رجلين، المدرس الأول مدرس اللغة العربية؛ لأنهم لم يجدوا نساءً أَكْفاء يدرسن اللغة العربية، فيأتون برجل في سن ستين سنة، فيكون بمنزلة الوالد للبنات، ويكون عادة رجلاً وقوراً وعفيفاً حتى لا ينفسخ الأمر، والرجل المسئول الذي هو الأخصائي الاجتماعي، دوره وعمله في المدرسة ليقابل أولياء الأمور؛ لأنه لا يوجد في الفصل إلا نساء، وترى البنت تخرج وهي لابسة القبعة وقد دلَّت ضفيرتين على ظهرها، يقول: لا مانع يا أخي! إنها بنت صغيرة لم تبلغ الحلُم، لما تُخرج الضفيرة لا إشكال وليس هناك مانع من ذلك.
وتكون الناظرة للمدرسة امرأة إنجليزية، كانت متشددة إلى أقصى درجات التشدد، بحيث لو خرجت البنت لمدة خمس دقائق تقوم بتحويلها للتحقيق، وتأتي بولي الأمر، وتقول له: البنت تلعب، البنت هذه أين كانت في الخمس دقائق؟ ما بعده التزام؟! فلماذا الرجل لا يسمح لابنته أن تذهب للمدرسة وهي تذهب في عربة إلى أن تصل، وتدخل المدرسة، وتقابلها ناظرة إنجليزية حازمة في التربية!! وبعد الانتهاء من الدرس تعود في عربة إلى البيت، إذاً: البنت لا تغيب عنهم طرفة عين، وفي نفس الوقت تتحصل على الآداب والعلوم، وتقرأ وتكتب وتستفيد، فما هو المانع.
هكذا بدأ الأمر واستمر ثم خفت قليلاً قليلاً، وتصبح بعد ذلك الناظرة على المدرسة امرأة مصرية، وكان الآباء من كثرة اطمئنانهم على بناتهم لا يذهبون معهن إلى المدرسة، فصرنا نرى البنات زرافات ووحداناً يمشين وحدهن في الشوارع، واستمر الأمر هكذا حتى صار عرفاً عاماً، وإن الرجل الذي لم يدخل ابنته المدرسة كان ذلك عارٌ عليه، ولكن بعد أن تقضي البنت كل هذه السنوات من سن ست سنين إلى سن اثنين وعشرين سنة، وهي تدرس، وجئت بعد ذلك وقلت لها: اجلسي في البيت، تقول لك: إذاً: لماذا كنت أتعلم؟ إذا كان العلم إلا لمجرد أن أقرأ وأكتب فلا، تعلمت لأجل أن أعمل.
يقولون: يجب أن تعلم المرأة حتى يكون معها سلاح.
فيا ترى هل ستدخل في حرب؟! فصارت المسألة طبيعية تتعلم لتعمل، وهكذا أريد بأمتنا، حتى صار النساء إماءً في زي الحرائر، فأين نساءنا من هاتين البنتين كما في قوله تعالى:{قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}[القصص:٢٣].
فلا تسئ الظن بنا وتقول: لماذا خرجتن من بيوتكن؟ إن الذي أخرجنا هو الضرورة القصوى:{وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}[القصص:٢٣] فأين الضرورة في خروج المرأة في عصرنا هذا؟! أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.