إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلاله، وكل ضلالةٍ في النار.
فما هي هذه الحياة التي ندم الكافر على تضييعها حين وقف على شفير النار، ورآها يحطم بعضها بعضاً؟ هذه الحياة هي التي عناها الله عز وجل بقوله:{وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[العنكبوت:٦٤]، و (الحيوان): مصدر حياة، أي: هي الحياة الحقيقية، وهي الحياة الدائمة التي لا تنقطع.
هذه الحياة هي التي ندم الكافر على تضييعها، ولا يحسب من عمر المرء حقاً إلا ما كان ذاكراً فيه لله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ما من ساعة يضيعها ابن آدم لا يذكر الله عز وجل فيها إلا ندم عليها يوم القيامة).
فإذا كانت الحياة الحقيقية هي طاعة الله عز وجل، فتعالوا لنتأمل في دراسة جدوى حياة إنسان يعيش ستين سنة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يتجاوز ذلك) فنسبة الوفيات الكبرى من أعمار هذه الأمة تكون ما بين الستين إلى السبعين عاماً، وقليل هو الذي يصل إلى الثمانين، وأقل من ذلك من يصل إلى المائة، وأقل القليل من يتجاوز المائة.