[الحكمة من تعدد الزوجات]
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن، والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
الحالة التي وصلنا إليها في هذا الباب هي أننا صرنا كالنصارى في هذا الباب؛ والسبب طويل، وجذوره ترجع إلى الوراء، إن الذين امتلكوا دفة الإعلام والثقافة عندنا لا يمتون إلى الإسلام بصلة، ولاؤهم ليس لدينهم، القصص المسرحيات المسلسلات الجرائد المجلات كل ذلك يصب في هذا المستنقع.
فإذا جاءهم من يقول: إن للرجل أن يتزوج على زوجته، قالوا: لماذا؟ هل بالمرأة عاهة؟ المرأة ليس لها كرامة؟ ليس لها حرية؟ لا، الكلام هذا كان في العصور الوسطى، في العصر الحجري، لكننا الآن أخذنا حريتنا.
هذا اتهام للنبي عليه الصلاة والسلام أنه عيش النساء في العصر الحجري والعصور الوسطى؛ لأن المرأة الآن لم تعد كما كانت على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وصاروا يأتون بالشبهات التي يلبسون بها على الناس.
نحن قلنا: إن القلب ليس ملكك، يجبر الإنسان على عشق امرأة أو على حب شيءٍ ما وهلاكه فيه، تقول له: يا أخي! انس يقول لك: لا أستطيع، وهل قلبي بيدي؟ فهو لا يستطيع، ويكاد يتلف.
وفعلاً بدأ هذا الرجل يضمر، ووجهه ينحل، وأحست زوجته أن الرجل يموت، فذهبت إلى تلك المرأة وقالت لها: اعملي معروف، تزوجيه، أنا لا أريد أن أفقده، لو -صار معي نصف يوم أو يوماً من كل يومين أفضل من أن يموت، تزوجيه.
هي بالتالي ركبت دماغها، وقالت: أبداً، لا يمكن، فأرسلت رسالة للرجل صاحب البريد، تقول له: إنها تقرأ لك، أرجوك تحننها، وقل لها: تتزوج زوجي، أنا أريد ذلك.
فيقول لها: لا يا سيدتي، لن أقول لها ذلك.
أنا أفهم أنك تقول: لا أقول لها ذلك؛ لأن البيت سيتدمر وسيضيع، لكن المرأة نفسها هي التي تقول لك: اعمل معروفاً، كلمها.
فيقول لها: لا يا سيدتي، لن أقول.
انظر العداء السافر إلى أي درجة وصل! أنا أفهم أنه لا يريد أن يهدم البيت الأول، حسناً، كلام معقول مثلاً، ولو بادي الرأي، لكن المرأة نفسها هي التي تقول: مرها، وانصحها أن تتزوجه.
فيقول لها: لا يا سيدتي.
إن النساء المطلقات واللاتي مات عنهن أزواجهن كثرة كاثرة، والمتأمل في أحوالهن يبكي بالدمع السخين عليهن، وعلى ظروفهن وأحوالهن، ألسن نساء لهن ما للنساء؟ فأيهما أصلح: أن تقع المرأة في الحرام، أو يعفها رجل؟ (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، الرجل القادر المستطيع الديِّن الخيِّر زواجه خير، فيه تكثير لنسل المسلمين، وفيه أنه ضم امرأةً لا راعي لها.
فأعداء الدين عندما يتكلمون في هذه القضية لا يتكلمون بعدل ولا بإنصاف ولا بعلم، بل غمزوا نبياً من الأنبياء بسبب ذلك.
إن هؤلاء لا يتورعون في سبيل الوصول إلى ما يريد أسيادهم عن أن يغمزوا حتى الأنبياء، فانظروا يرحمكم الله إلى هذه المسألة، ولا زلت أقول: ما جاء الدين ليرضي أهواء الناس، إنما جاء الدين لمصلحة البشر، فقد يرتكب الإنسان عملاً ضد مصلحته وهو لا يدري، ولذلك العبد الذي يسلم لربه تبارك وتعالى -لدينه وشرعه- من أسعد الخلق.