قال الله عز وجل:{وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا * الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}[الفرقان:٥٨ - ٥٩] أي: لا تسل جاهلاً عن الله، إذا أردت أن تسأل عن الرحمن فاسأل خبيراً به.
وهذه الوقفة التي أردت أن أقفها في هذا الدرس، نحن فيما بيننا لا نذهب إلى طبيب جاهل ولا إلى عامل جاهل، وكلنا يبحث عن أمهر الأطباء وأمهر العمال، يقال: هذا خبير، هذا خبير بالمرض الفلاني، أو هذا خبير بالآلة الفلانية.
ويعد العباد أن من الخسارة أن يذهب إلى رجل جاهل، فكيف جئت على أتم المطالب وأهمها -وهي معرفة الله- ولم تسأل أعلم الناس بالله؟! {الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}[الفرقان:٥٩] وانظر لفظة (الرحمن) ما أجملها في هذا الموضع! انظر سياق الآيات: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا * الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}[الفرقان:٥٨ - ٥٩] هي قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] استواءً حقيقياً بغير تشبيه ولا تمثيل كما يليق بجلاله تبارك وتعالى، واستواؤه على العرش مدح له عز وجل، ربنا سبحانه وتعالى لما قال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] مدح نفسه بهذا الاستواء.
والعرش في السماء وليس في الأرض، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم -وذكر الجنة- قال:(سقفها عرش الرحمن) سقف الجنة عرش الرحمن، إذاً الرحمن تبارك وتعالى:{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}[الفرقان:٥٩] ليحببك فيه.
لماذا أنت تسأل خبيراً بالله؟ حتى يحببك في الله عز وجل!