للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دور العلمانيين في تقويض أصول الدين]

حين ذكر أصحاب موسوعة الفقه أن المذهب الشيعي أحد المذاهب المعتمدة، احتج عليهم العلمانيون الذين يلعبون في بنياننا، حتى الصلاة صارت بالمزاد، {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:٢٥٦] فتجد أن كل من يرشد إلى الصلاة يقال له: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:٢٥٦].

حتى يطلع الجيل الجديد فيرى كل ثوابتنا مهزوزة.

وحتى (لا إله إلا الله) ستهز، لا تظن أنها لن تُهَز أبداً! لحديث حذيفة: (يأتي على الناس زمان لا يعرفون صلاة ولا زكاة ولا يعرفون قليلاً ولا كثيراً من الدين، لكن يقولون: لا إله إلا الله -أولادهم يسألونهم: ما معنى لا إله إلا الله؟ فيقولون: والله -يا بني- لا أعرف، أنا جئتُ فوجدتُ أبي يقول: لا إله إلا الله، فأنا أقول هكذا- يدْرُسُ الإسلامُ كما يدْرُسُ وَشْيُ الثوب، والوشي هو الرسم والزينة التي تعمل على الثوب، فالإسلام يذوب مثل ذوبان هذه الرسوم التي تكون على الثياب- حتى لا يدرون ما صلاة، ولا زكاة، ولا حج، ولا يعرفون شيئاً) فيقولون لأولادهم: ورثنا هذه الكلمة عن آبائنا وهم لا يفهمون شيئاً عنها.

فيأتي على الناس زمانٌ لا يعرفون كلمة التوحيد.

فهؤلاء العلمانيون أتوا إلى كل شيء ثابت فهزوه.

كمسألة الختان بالنسبة للإناث مثلاً: جاء ناس بعد أربعة عشر قرناً من الزمان وقد تقرر عند جميع المسلمين أن الختان إما واجب أو مستحب، فهو على أي حالٍ مشروع ومتقرر عندنا خلال أربعة عشر قرناً، وفجأة ظهر أن الختان ليس من الدين في شيء! وأن هذه عادة جاهلية! فإذا ما كبر الولد الصغير -وطبعاً الولد جاهل، لا يعرف شيئاً عن دينه- يقول: أربعة عشر قرناً وهم يضحكون علينا، وقد أدخلوا في الدين ما ليس منه؟! ما المانع أن يكونوا قد ضحكوا علينا في حكم آخر وحكم ثان وثالث ورابع؟! إنهم يقولون: إن الختان غير مشروع، وصدر قرار رسمي وصُدِّق عليه: أن الختان جريمة، ومَن ارتكبه يعاقب بالسجن وغرامة ثلاثمائة جنيه، ومع ذلك لا زال يدرَّس في مناهج الأزهر! ماذا يعني هذا الكلام؟! أيعني أن الأمر مجرد لعبة؟! ثم يأتون إلى مناهج السنوات الأولى مثلما عملوا في كتب الدين الخاصة بالسنة الرابعة: في زمن الود والإخاء، الولد في المدرسة دعا زميله وأباه وأمه إلى بيته، وتظهر والدته في الصورة محتشمة، وكذلك والدة زميله، ثم قعدوا على المنضدة وأكلوا جميعاً، فقال أولئك العلمانيون: ما دمنا نحارب الحجاب، ونصدر قرارات بمنع الحجاب، إذاً: لماذا نضع صورة امرأة لابسة مثل هذا اللباس؟ كأنني وكأننا رسمياً نقول: إن تغطية الشعر من الدين، مع أن المفروض أن ندعو إلى خلاف ذلك، فلما جاءت كتب الدين بعد هذا في السنة التي تليها مباشرة ظهرت الأم متبرجة، والتي تزورها أيضاً متبرجة، والكل يأكل أيضاً على المنضدة، فتفطنوا لذلك من أجل ألا يبقى أي شيء للفضيلة على الإطلاق.

فما عليكم إلا أن تنتظروا وتصبروا على أنفسكم إلى أن تزيلوا الختان من مناهج الأزهر، وتضعوا المناهج الجديدة التي هي ليست من الدين، وتستخدموا الذين سيحاسبهم الله حساباً عسيراً في هذا الأمر ليكتبوا لكم فتوى شرعية: أن الختان ليس من الدين، فيكبر الولد وهو يدرس في الأزهر أن الختان ليس من الدين، وهذا سيحدث نوعاً من الصراع النفسي، فكتب الأزهر الرسمية تقول: إن الختان ليس من الدين؛ بينما كتب الفقه تثبت أنه من الدين.

وأكثر من ذلك؛ بل والشيء الذي يغيظ ويفجر المرارة: أن المذهب الشافعي عندنا هو المذهب السائد، والمذهب الشافعي هو المذهب الأول في الأزهر، والحكم الشرعي في المذهب الشافعي: أن الختان واجب، انظر العجيب في المسألة! يعني هو المذهب الأول الذي يدرس، والفتوى في المذهب الشافعي كما ذكر النووي في المجموع شرح المهذب: أن ختان النساء واجب، فلما يكبر الناشئ ويجد الثوابت تهتز، ولا شيء ثابت على الإطلاق، فما الذي يمكنه أن يعمله، فتهتز حينئذٍ العلاقة بين النشء وبين دينهم، ويسيئون الظن بالعلماء، ويظنون أنهم لعبوا في الدين وأدخلوا فيه ما ليس منه وأخرجوا منه ما هو فيه، فيحصل هذا.

فلما يأتي أصحاب هذه الفتاوى ويقولون: إن المذهب الشيعي مذهب معتبر، فإن العلمانيين سيطبلون ويزمرون ويقولون: يا إخواننا! إذا كنتم أنتم رسمياً تقولون في أبحاثكم العلمية: إن المذهب الشيعي مذهب معتبر، وأنه يجوز اتباع المذهب الشيعي في بعض المسائل فتعالوا للناقش هذه المسألة: الشباب غير مستطيع للزواج، وكذلك البنات، والمهور غالية، فلماذا لا نزوجهم بنكاح المتعة؟! أي شاب معه خمسة عشر جنيهاً فليتزوج ليوم أو يومين، والذي معه مائة جنيه يتزوج لمدة أسبوع أو أكثر، وهذا يجعله يجدد دائماًَ، فمتعته تكون مستمرة، وهذا الشيء جيدٌ وليس سيئاً، لماذا تريدون أن تحرموا الناس؟ لماذا أنتم مغتاظون من الناس؟ لماذا تربطون الرجل بامرأة واحدة طوال العمر؟! دعوه يجدد، فالمذهب الشيعي نحن نراه أنه مناسب للظروف الاقتصادية، وأنتم تقولون في أبحاثكم الرسمية أنه مذهب معتبر.

فيأتون لنا بهذا الكلام!