[قصص وخرافات صوفية]
هناك الكثير من القصص الخرافية التي يدندن حولها الصوفية بجميع طرقها والتي يتبعها ألوف العوام، وينسبون فيها أشياء من خصائص الله لمشايخهم، والله العظيم أنا قرأت كتاباً لوكيل كلية أصول الدين، وهو شيخ طريقة صوفية يقول: إن جده كان يحيي الموتى وقال: من أراد أن يتأكد فليذهب إلى قسم شرطة كذا بمحافظة الشرقية في الورقة الفلانية في الملف الفلاني، شخص قُتل، ثم عجزوا أن يعرفوا من القاتل، فجاء جدي رضي الله عنه فأحياه، فقال: قتلني فلان، ثم مات ما شاء الله! مكتوب في ملف للشرطة كأنه في الزبور قرآن نزل! نصدق نحن هؤلاء؟! لو أقسم على المصحف -وهو كلام الله عز وجل وصفة من صفاته- أنه رأى ذلك لأقسمت بالله عز وجل أنه كاذب، هذا شيء يقطع به.
وقد أقسم لي جماعة -وهم عند علماء الحديث يبلغون حد التواتر، أكثر من عشرة، لكن لا قيمة لاجتماعهم؛ لأن الناقل لابد له من الثقة والضبط، وهؤلاء لا نعرف عنهم شيئاً، لكنهم عشرة أو ثلاثون أو أربعون -يقولون: إن فلاناً أوصى أن يدفن في بلده، وكان يعيش في غير بلده، فلما مات اجتمع أهل الرأي من أهل بيته وقالوا: ليس هناك داع أن نتجشم نقل جثمانه إلى بلده، ندفنه هنا.
فخالفوا الأمر، فلما أرادوا أن يحملوا نعشه طار النعش، حتى إنهم جميعاً خلعوا أحذيتهم ليجروا خلفه، وذهب إلى قبر لم يكن فتحوه -هم فتحوه ليدفنوه هنا فحاولوا حمل النعش فتسمَّر في الأرض، وأبى هذا الميت أن يدفن إلا في هذا القبر، فلما لم يستطيعوا أن ينقلوه إلى آخر دفنوه في ذلك القبر، وأقسموا -جماعتهم- لي أنهم رأوه بعد العشاء يخرج من المقبرة في طبل وزمر يتجه إلى بلد أبيه نصدق هؤلاء وهم يقسمون بالله العظيم أنهم رأوا، ما أخبرهم أحد، ونحن نعلم أن الشياطين تلبس كثيراً، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (قد تحمل الشياطين بعض نعش الموتى ليفتتن به بعض الناس كنوع من الفتنة).
ولكن نقول: ضعوا أي نعش لأي ولي تزعمون في سيارة، فإن طار بها فأنتم صادقون، لماذا لا يطير إلا على أكتافكم؟ حدثني أخي -وكان قديماً أحد الذين يروجون مثل هذه الخرافات- قال: مات فلان وهو رجل مدفون وله قبة، فقال ابنه الخليفة: لا يحمل في المحمل فلان لماذا؟ لأن فلاناً هذا إذا حمل فإن النعش له يمشي، والذين كانوا يحملونه طبخوها بالليل، فقالوا: يا إخواننا! نحن عندما نمشي سنقع، لازم نجري، هو الذي يأخذنا.
فأراد ذلك الرجل أن يثبت كذب هذه الدعوى، فحمل في محمل سابق، فكان يمشي هكذا، هم يشدونه وهو يرجع القهقرى.
فقال ابنه الخليفة: لا يحمل في المحمل فلان.
لأنهم طبخوها.
هناك من يصدق هذه الترهات، بالله عليكم أهذه أقوى أم التي سقتها وأتيت لها بدليل من البخاري؟ كل باطل تقدر على أن ترده، فما اجتمع الباطل وصار كتلةً إلا نقطة بنقطة، وما السيل إلا من اجتماع القطر، ولا تستهن بصغيرة إن الجبال من الحصا.
رجل أراد أن يفسر قول الله تبارك وتعالى بالتفسير العصري، فقال في قوله تبارك وتعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:٣٠] قال: هذا للذي ينظر بشهوة، أما إذا نظر رجل إلى جمال امرأة ليقول: سبحان الخالق العظيم، فلا جناح عليه ما شاء الله! يتأمل في جمال امرأة! يا أعمى! {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢١] كيف عميت عن نفسك وأنت مثلها في الخلق حتى تقول: إذا نظر وقال: الله الله! فهذا يؤجر، فهذا لا يدخل في الآية، ولا نستبعد أن يكون هناك من ركنوا إلى هذه وقالوا: والله الرجل هذا عالم، مفسر، بخلاف أولئك الجامدين الذين يعنتوننا، كيف لا نستمتع بهذا الجمال؟ وما الفرق بين المرأة وبين زهرة في البستان؟ إذا كنتم تحرمون النظر إلى المرأة فحرموا النظر إلى الزهور انظروا إلى القياس الفاسد! كالذي قال: الموسيقى حلال كما أنك تستمتع بصوت العصافير والبلابل، وإذا جاءت الريح على الشجر سمعت موسيقى، وهذه ليست حرام، فهذه أيضاً ليست حرام.
هذا قياس إبليس إذ قاس الطين على النار، وما علم أن الطين مادة الحياة، وأن النار أصل كل خراب، الطين هو النماء، وهو الخضرة، وهو الإنسان، والنار خراب ودمار وحر، فكيف يقيس هذا على ذاك؟! نسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، اللهم ثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم آت هذه الأمة أمراً رشداً، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم اغفر لنا هزلنا وجدنا، وخطأنا وعمدنا، وكل ذلك عندنا.