للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حديث طواف سليمان عليه السلام على مائة امرأة في ليلة]

حديث آخر: الذي هو شتم الإمام البخاري فيه، واتهمه أنه جاهل بعلم الحديث مع أنه رجل طيب، وقال: هذه هي المصيبة في أمتنا، تنساق وراء الأسماء اللامعة، يعني: أول ما يقول له: رواه البخاري، يثق به لأنه رواه البخاري: ليس بعد البخاري للمرء مذهب قال لك: هذه هي المشكلة عند المسلمين، يلغي المسلم عقله عند الأسماء اللامعة، ما الحديث الذي كان سبباً في تطاول هذا الغلام على الإمام البخاري؟ حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي رواه أبو هريرة، قال: (قال سليمان عليه السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة -أو قال تسعة وتسعين امرأة- كلهن تلد غلاماً يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله، فلم يقلها، فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة، ولدت نصف إنسان، قال صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لو قالها -يعني لو قال: إن شاء الله- لكان دركاً لحاجته، ولأخرج الله عز وجل من صلبه مائة فارس يجاهدون في سبيل الله جميعاً).

ما المشكلة إذاً في هذا الحديث؟! يقول لك: (انتبه!) ويضعها بين قوسين، -انتبه من الذي سيأتي- ليلة واحدة تكفي لمجامعة مائة امرأة، (وانتبه جيداً)، ووضعها لك بين قوسين، ثم: هل سليمان يقدر؟ انظر إلى هذا العنين، يظن أن الناس مثله كلهم، انظر الإسفاف في رد كلام الرسول عليه الصلاة والسلام، ويتهم أبا هريرة أنه كذب على النبي صلى الله عليه وسلم (بحسن نية) بين قوسين، هذا رقم واحد.

رقم اثنين: يقول لك: وهل يليق بنبي أن يتحدث بمثل هذه المسائل المحرجة على الملأ، وهم كانوا أشد خلق الله حياءً؟! ثالثاً: هل يجوز أن يفتات على الله؟ يعرف أن النساء يخلفن ذكراناً وإناثاً، ويقول: يا ربنا سآتيهن بشرط أني أريد ذكوراً فقط، مائة ذكر يجاهدون، فهذا افتيات على الله، يعني: الأنبياء الذين أدبهم الله يعملون هذه العملية؟ ولا أريد أن أكثر.

يعني: يكفي أدلة على بطلان الحديث.

فأنتم ترون -أيها الإخوة الكرام- أن هذا الذي ذكره معترض لا يجوز أن يذكره رجل عاقل، ولا يجوز أكثر وأكثر أن يعد دليلاً في الاعتراض، ومعلوم عند العلماء أن الكلام إذا كان له مخرج ومحمل مقبول ينبغي حمله عليه، وإلا فإننا سنرد آيات القرآن الكريم بهذا المنطق، وبهذا الأسلوب، فهذا الاعتراض يرد على كلام الله عز وجل أيضاً، لا يرد على كلام النبي صلى الله عليه وسلم فقط، ولا على كلام أي أحد، لماذا تجتهدون إذاً في التوفيق ما بين الآيات التي ظاهرها التعارض، فهذا الحديث لا إشكال فيه، لكن أتي الرجل من سوء فهمه، وصدق المتنبي عندما قال: ومن يك ذا فم مر مريض يجد مراً به الماء الزلالا وللرد عليه نقول: أولاً: مسألة أن يأتي نبي مائة امرأة أو ألف امرأة في يوم واحد هذه قضية ما فيها أي إشكال، إذا سلمنا أن النبي معان من الله، وقد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (أوتي النبي صلى الله عليه وسلم قدرة أربعين رجلاً في الجماع)، ثم هل اليوم هو يومنا هذا، ولا زالت كما في الأحاديث الصحيحة الأيام تتناقص، والأحاديث المعروفة بينت أن السنة ستكون كيوم، فهل عنده دليل أن يوم سليمان عليه السلام كان بهذا القصر، ثم إن إتيان المرأة كم يأخذ من الوقت؟ دقيقة، دقيقتين، ثلاث دقائق، أنا أشعر بكثير من الحرج وأنا أتكلم بهذا الكلام؛ لكن اضطررت إلى قوله رفعاً لهذه المغالطة التي ما يكاد يتردى فيها إنسان عاقل، حتى يقول: (انتبه!) ويضعها بين قوسين، إنه هام؛ يقول هذا الكلام السخيف! لو أن رجلاً عنده القدرة فعلاً على إتيان ألف امرأة لاستطاع أن يأتي ألف امرأة في زماننا هذا، وما يكون عليه أي إشكال فيها.

ثانياً: هل في الحديث أن سليمان عليه السلام جمع الناس وذكر لهم تفاصيل العملية: وأنا سأفعل وسأفعل؟! ليس في الحديث شيء من ذلك، في الحديث أنه قال: (فقال له صاحبه)، فليس في المجلس إلا رجل واحد.

وقد ثبت في البخاري أيضاً أن هذا الصاحب كان ملكاً ولم يكن رجلاً من الإنس.

ثم لو قال لي قائل في هذا المسجد: يا فلان! لماذا تزوجت بامرأتين، وتنوي أن تتزوج الثالثة والرابعة؟ فأقول له: والله يا أخي نحن في حاجة إلى رجال، تزوجت لأنجب من كل امرأة مجموعة يدافعون عن دين الله، أكنت أنا مفتئتاً على الله متألياً عليه؟ لو قلت: أتمنى أن يخرج من صلبي مائة رجل؛ ولأن الدعوة تناط بالرجال، وما تناط الدعوة وجهاد الدعوة بالنساء: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:١٨] وهن النساء، المرأة في الجدل والمناظرة لا تستطيع أن تبين ولا تقيم حجة على أحد، ما يقيم الحجة إلا الرجال، لذلك كان منهم العلماء وكان منهم الرسل، وما نعلم أن الله عز وجل أرسل امرأة إلى أهل الأرض، إنما أرسل الرجال، لأنهم أقدر على ذلك، لذلك جعل الله للرجال على النساء درجة، بما فضل الله بعضهم على بعض، وكان هذا من جملة ما فضل الله به الرجال على النساء.

ولو قال لي رجل: لماذا تزوجت؟ قلت: والله أنا أتمنى أن يكون الصف الأول في المسجد أولادي، أأنا إذا قلت هذا أكون افتأت على الله وقلت: يا رب أنا لا أريد إناثاً، إما أن تعطيني رجالاً وإلا فلا، هل أنا قلت هذا الكلام؟ وهل يفهم ذلك من قولي؟ كان له نية صالحة طيبة، يريد مائة فارس يجاهدون في سبيل الله، فقام ذاك النبي الكريم بهذه النية وأتى النساء، وينبغي أن يكون لنا هذه النية في إتيان النساء، وقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب العيال، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (إني لأكره نفسي على مجامعة النساء، رجاء أن يخرج الله نسمة توحده)، يعني: قد لا يكون له رغبة أن يأتي المرأة، لكن يأتيها بهذه النية، رجاء أن يخرج الله عز وجل من صلبها ومن صلبه نسمة توحد الله عز وجل، ألئن قال هذا النبي الكريم ما قال يقال له: أنت تفتات على الله؟ وأين الافتيات على الله عز وجل في هذا؟ نلعب بأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام بمثل هذا الهراء، وهذا السخف، إذا كنا سنتخذ هذا منهجاً علمياً فلن يسلم كتاب الله من ذلك، في كتاب الله آيات أشد إشكالاً من هذا الحديث.