للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التعريض بيعقوب عليه السلام بغرض الطعن في مشروعية تعدد الزوجات]

حين يأتي الرجل يريد أن يدافع عن فكرة معينة، فلا يجوز له أن يدافع عنها بلمز أحد من الأنبياء، وحين يأتي رجل يكتب: أن تعدد الزوجات من أكبر المضار، ويستدل على ذلك بقصة يعقوب عليه السلام! نقول له: ما علاقة يعقوب عليه السلام بالموضوع؟ فيتعلل بأنه كان متزوجاً من امرأتين، ثم حصل حقد بينهما، وانعكس هذا الحقد على الأبناء، فقام إخوة يوسف بإلقائه في الجب؛ لأن الإخوة من الأب يكرهون بعضهم بعضاً، كما أن الأب معرض لعدم تمكنه من أن يعدل، فإذا كان هذا حدث لنبي فما بالك بغيره؟ إن مثل هذا الكلام في وجود سلطان شرعي لابد وأن يحد قائله حد المفتري، لأنه كاذب؛ وهل الإخوة الأشقاء لا يقتل بعضهم بعضاً؟ فالعلة موجودة في الإخوة الأشقاء.

وهل يعقوب عليه السلام فضل يوسف على سائر أخوته تفضيلاً سائغاً أم تفضيلاً متكلفاً فيه، يطعن عليه به؟ إن الوالد يكون له وجهة نظر في بذل العطاء والحنان لولدٍ دون آخر، ولا يكون ذلك تفرقةً منه، ولا يعرف هذا إلا من رزق الولد.

فحنان الوالد حنان فطري خلقه الله فيه، وهو سبب لوجود ابنه في هذه الدنيا، وقد ترتب على هذا الفرق بين الولد والوالد في هذه المسألة أحكام شرعية، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقاد للولد من والده) بمعنى: لو أن والداً قتل ابنه لا يقتل الوالد به، لكن لو أن الولد قتل الوالد يقتل ما هو الفرق؟ الفرق: أن الوالد لا يمكن أن يقتل ابنه إلا إذا زال عقله؛ لأن حنانه جبلي فطري مخلوق فيه، أما الولد فمسألة أن يقتل أباه مسألة سهلة، أو أن يعق أباه، أو أن يرى أباه يبكي قائلاً: يا بني! أطعني في هذا المعروف.

بينما الولد شارد؛ لأن حبه تصنع وتكلف.