للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوة قاسم أمين إلى السفور في كتابه: المرأة الجديدة]

لـ قاسم أمين كتاب آخر كتبه وأسفر فيه عن وجهه، كتاب اسمه: المرأة الجديدة، كتبه بعد كتاب: تحرير المرأة فثار الناس عليه فانكمش وانزوى ولزم بيته، لكنها لم تكن بالحدة التي كانت على رفاعة الطهطاوي؛ رفاعة الطهطاوي الذي مجده دعاة تحرير المرأة، وكل شخص يمجده هؤلاء ففتش في سيرته تجد أن له سوءات، لا يمجدون رجلاً عفيفاً أبداً أبداً، فكل شخص يمجدونه ويرفعونه تعرف أنه خائن لهذه الأمة، رفاعة الطهطاوي هذا أتى قبل قاسم أمين وبدأ يدعو إلى تحرير المرأة، لكن العلماء والناس وقفوا له بالمرصاد فلم ينجح وماتت دعوة رفاعة الطهطاوي في مكانها، أما قاسم أمين فقد كان البناء الاجتماعي بدأ يتغير، وبدأ التفسخ والانحلال ينتشر، فلما وجد قاسم أمين ذلك أراد أن يبث سمومه، ولكنهم ثاروا عليه فانكمش وانزوى ولزم بيته، فذهب سعد زغلول إليه في بيته وقال له: قل ما تريد، واكتب ما تشاء وأنا أحميك، فلما قال له ذلك كتب كتاباً تحت عنوان: المرأة الجديدة الذي يدعو فيه إلى سفور المرأة وإلى نزع الحجاب، ويقول: نريد امرأة جديدة في هذه الأمة، كالمرأة التي في باريس، والمرأة التي في انجلترا، وبدأ بالدعوة إلى تحرير المرأة.

ونقل معارك الغرب إلى الشرق.

ما هي قضية المرأة في الغرب؟ إنها مسألة: المساواة في الأجور، المرأة في الغرب تعمل كالرجل جنباً إلى جنب، وتنتج نفس الإنتاج، وتشتغل نفس عدد الساعات؛ فلماذا يكون أجرها أقل من أجر كالرجل؟ هذه هي القضية التي كانت في الغرب، لكن ما هي القضية التي أثارها قاسم أمين في بلاد المسلمين بالنسبة للمرأة؟ ما هي القضية التي أراد أن ينقلها من هناك إلى بلادنا؟ هل تعرف ماذا كانت القضية؟ إنها قضية نزع الحجاب.

وما علاقة الحجاب بمسألة المساواة في الأجور؟ لقد كانت الدعوى كلها قائمة على السفور، ونزع الحجاب من المرأة المسلمة، وما قرار وزير التعليم من سنتين منكم ببعيد، لما أصدر قراراً بمنع ارتداء الحجاب في المدارس، وقامت الدنيا ولم تقعد، وتراجع الوزير عن قراره، لكنه قال هذا الكلام قبل دخول المدارس بشهرين!! ماذا يعني هذا؟ يعني: لا تظن أن القرار خرج هكذا!! لا.

فقبل دخول المدارس بشهرين، وفي الوقت الذي يفصل فيه أولياء الأمور الزي المدرسي للبنات، نزلت قرارات بلبس الزي، لكن الآباء فقراء، وليسوا على استعداد أن يفصلوا لبناتهم الزي المطلوب، ثم بعد ذلك يفصل لها الحجاب، وكان قد حصل الامتناع في بداية الأمر، لكن ما الذي حصل؟ حصل أنه لا بد أن يلبس البنات الزي المطلوب، ويمنعن البنات من أن يلبسن إلا خماراً واحداً، كان قبل ذلك لها أن تلبس خماراً واثنين، وكان النقاب زيادة على ذلك، فلما أصر الوزير على قراره لبسن البنات كلهن النقاب، ولبسن القميص على حسب التعليمات.

وبعد ذلك يقوم الوزير ويصدر القرار بأنه ممنوع على البنت في الابتدائي أن تضع خماراً على شعرها، لماذا تمنعونها؟ قال: لأن الخمار يؤثر على عقلها: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزخرف:٥٤]، استخفاف بالعقول كأننا لا نفهم!! امرأة تضع الحجاب على شعرها يؤثر على عقلها!! انظروا، كل شيء خالٍ من المنطق، وخالٍ من التفكير السديد.