[دعوة المسلمين إلى النفقة على العلم وطلابه]
إنني أقول هذا الكلام تحفيزاً لكم ولنحنن قلوبكم أيضاًَ، وأبين حجم المحنة التي يعانيها الدعاة على وجه الخصوص، وهم قلة في كل بلد، وعليهم أعباء أكثر بكثير مما أقول.
إذاً: المطلوب منا أن نرجع مرة أخرى وندرك حجم المسئولية.
وأيضاً: أحفزك بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الدال على الخير كفاعله).
يا أخي! أنت عندما تسهم في تفريغ طالب علم، ولا أقول: تصدَّق؛ ولكن أقول: من زكاة المال، وعندنا تجار وعندنا أناس من أصحاب رءوس الأموال، لا تجب عليهم الزكاة كالأطباء مثلاً، الأطباء وأصحاب العيادات لا تجب عليهم الزكاة لأن الزكاة لها شرطان: - أن يحول الحول.
- وأن يبلغ المال النصاب.
يمكنه في الشهر أن يكسب مائة ألف، ويمكنه أن ينفق مائة ألف في الشهر.
إذاً: هذا لا تجب عليه الزكاة.
أنت تعرف عبد الله بن المبارك؟ كانت غلته في السنة مائة ألف ولم تجب عليه زكاة قط.
لماذا؟ كان المال الذي يأتيه دائماً يصرفه، ليس بقصد الهروب من الزكاة.
لا؛ لكن لأنه كان له مصاريف ووجوه يصرف فيها المال.
في هذا الزمان كل المسلمين الذين عندهم تجارات أو زراعات أو أي عرض من الأعراض، هؤلاء في مالهم زكاة.
نعلم عليك أن تصرف من زكاتك للأقارب والأرحام؛ لكن خصص جزءاً من زكاة مالك لطلاب العلم، أريد أربعين طالباً.
إذا كانت زكاة مالك أربعين جنيهاً، فأربعون جنيهاً لن تفعل حاجةً لطالب علم.
فإذا كنت أنت واثنان وثلاثة وأربعة وخمسة ادخرتم مائة جنيه أو مائتي جنيه أو ثلاثمائة جنيه، إذا كنتم أربعة فاكفلوا طالب علم من ناحيتكم، واشترطوا عليه وخذوا عليه المواثيق الغلاظ أن ينصر دين الله عز وجل، وأن لا يفرط في وقته وأن لا يضيع هذه الأمة، ودَعُوه.
إنه لا يعلم حجم غياب العالم إلا الباحث عن الحق، الذي يبحث عن الهدى ولا يجد من يدله.
وأنا أقول هذا الكلام لعموم الناس الذين عندهم سيارات.
عندما يكون في طريق مفترق طرق، وهو يريد الذهاب إلى بلد من البلدان ولا توجد لافتة تقول: الطريق هذا يؤدي إلى أين وإلى أين، حينها تظهر الحيرة.
وكذلك طلبة العلم والعلماء، هم أدلاء للجماهير على هذا الخير.
أتمنى من كل قلبي أن تجد هذه الدعوة صدىً عند الجماهير، وأن يدركوا حجم المحنة التي يعانونها لعدم وجود طلاب العلم، وأن يكفلوا طلاب العلم، وأن يوفروا المراجع الأساسية حتى ولو في مكتبة عامة.
إذا عجزنا عن أن نوفر مكتبة أساسية لكل طالب علم، فلا أقل من أن يكون هناك أموال، وهذه الأموال على المذهب الراجح لا تكون من أموال الزكاة، وهي لشراء الكتب، وإن كان شيخ الإسلام ابن تيمية أجاز شراء بعض الكتب المهمة الضرورية لبعض طلاب العلم من أموال الزكاة، مثل أن يكون هناك عالم في البلد وإليه المرجع في الفتوى، ولا يوجد عنده كتب هذه الفتوى، فيجوز أن يُشترى لهذا الرجل من أموال الزكاة، فإن هذا آكد من إطعام الفقير، لأن دلالة الناس على الهدى وعلى حكم الله عز وجل آكد من إطعام الفقير.
فنسأل الله تبارك وتعالى أن تجد دعوتي صداها، وأحس أن الناس إن فعلوا بما أقول وشعرت بهذه المحنة، فسيقف الواحد ولو جنيهاً واحداً، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (خير الصدقة جهد المقل).
وقال في الحديث الذي يحسنه بعض أهل العلم: (سبق درهم مائة ألف درهم، قيل: كيف يا رسول الله؟ فقال: رجل معه درهمان فتصدق بدرهم، ورجل معه ألوف من الدراهم فتصدق بمائة ألف درهم) أو معه ملايين فيتصدق بمائة ألف، فهذا الذي تصدق بدرهم واحد تصدق بنصف ما يملك، إنما هذا الذي تصدق بمائة ألف إنما تصدق بجزء مما يملك.
أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما علَّمنا، ويعلمنا ما جهلنا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
والحمد لله رب العالمين.