بمناسبة الكلام على البدعة على حجم محنة المسلمين في تمييزهم هذا الباب الوحيد في وسط أبواب عليها دعاة أقوياء، والمحنة لها حجم آخر، وذلك أن دعاة الحق مع قلتهم قد يبطلون دعوة الحق بعدم الإجادة، وبعدم إقامة الدليل وإقناع المستمع أو طالب الحجة ببعض الدلالة.
داعية الضلال قد تجده قوي العبارة والحجة، ويعتمد اعتماداً أساسياً على الشبهات، بحيث إنه يحيرك في بعض البلاد التي لا تجد فيها داعية حق واحد، وقد تجده ولكن عنده ضعف في اللسان، فتزداد حجم المحنة بأن الباب غير مميز بالنسبة للناظر الأزهري، وفي نفس الوقت الرجل الذي يقف على هذا الباب لا يحسن عرض الحجة ولا الحق الذي معه.
إنما أقول هذا الكلام وأكرر الدعوة التي كررتها كثيراً حتى قلتُ مرة: إن حلقي جف من كثرة الدعوة إليها مع عدم الاستجابة من الجماهير حتى هذه اللحظة التي أنبه فيها، الاستجابة لا تشكل أكثر من نصف في المائة، وهذا يبين لك حجم المحنة أكثر وأكثر، نصف في المائة، الدعوة التي أدعو إليها دائماً.
أقول: يا جماعة المسلمين! فرغوا طلبة العلم لمصلحتكم، طالب العلم الذي يعمل أكثر من عشر ساعات في اليوم ويعطي العلم والدعوة فضل وقته، هذا لا يمكن أن تأتي من خلفه ثمرة محترمة.
لماذا لا تفرغون؟ انظروا إلى النصارى يفعلون ذلك، واليهود يفعلون ذلك، عندهم رءوس أموال موقوفة، فأنت -مثلاً- إذا نظرت إلى القس في الكنيسة، وإلى إمام أو خطيب المسجد عند المسلمين، ترى مهزلة بمعنى الكلمة.