[نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤال الصحابة إياه خشية التشديد]
إن الحمد لله تبارك وتعالى نحمده، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:(أيها الناس! إن الله فرض عليكم الحج فحجوا.
فقام سراقة بن مالك فقال: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، قال: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، قال: أكل عام يا رسول الله؟ قال: ذروني ما تركتكم، إنما أهلك الذين كانوا من قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، لو قلت: نعم، لوجبت ولما استطعتم) لو قلت: (نعم، كل عام) لوجبت عليكم كل عام، ولما استطعتم، (ذروني ما تركتكم) أي: طالما أنني تركتكم فاتركوني، لا يزال العبد يتنطع حتى يحرم الله تبارك وتعالى عليه ما كان أحله له قبل ذلك.
أكل عام؟ سكت؛ يخشى أن ينزل الوحي (بكل عام)؛ فيصير هذا الرجل مجرماً في حق جميع المسلمين إلى قيام الساعة، قال صلى الله عليه وسلم:(إن أعظم المسلمين جرماً في المسلمين من سأل مسألة فحرمت لأجل مسألته) كانت حلالاً، كل المسلمين يستمتعون بهذا الحلال فقام شخص يسأل، فلا يزال يتنطع حتى يحرم الله ذلك الحلال، فيحرم المسلمون جميعاً منه، إذاً كأنه أجرم في حق جميع المسلمين إذ حُرم عليهم بعدما كان حلالاً، كل هذا بسبب الغلو والتنطع، لذلك ما من مصيبة تكون إلا بسبب الغلو.