قد ذكرت في مرة سابقة أن هناك حرباً سافرة فاجرة تبغي تحطيم الرءوس والرموز والعناوين، وأقول: سافرة؛ لأنها ظهرت بلا حياء على صفحات الجرائد والمجلات، وتنال من أعز جيل شهدته الدنيا وهم الصحابة، إنهم لم يصلوا إلى الصحابة دفعة واحدة، إنما غمزوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوا أن الجماهير غافلة ولم تتحرك، وغبية لم تفهم؛ تطاولوا على الصحابة.
فهذا يكتب كما ذكرت قبل قليل تحت عنوان:(هل النبي صلى الله عليه وسلم مات بالزائدة الدودية؟!) لا زال هذا العنوان كلما تذكرته كأن أحداً يذبحني، مات بالزائدة الدودية؟! ينالون منه صلى الله عليه وسلم ويغمزونه.
وفاجرة أخرى تنال منه صراحة، وتقول لمعشوقها: وأنا بين أحضانك كأنني زرت قبر النبي عليه الصلاة السلام! تقول هذا القول ولا تحاكم، ولا يحاكم أحد، ولا يُسأل أحد! لقد أصبح النيل من الصحابة مسألة هينة، ثم إن هؤلاء ينالون من العلماء، فهذا كتاب منشور اسمه (علماء الإسلام والجنس) هكذا! لا حرمة لأحد عندهم؛ فقد تجرءوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، فمن عداهم من باب أولى، ويأتي الساقط مؤلف الكتاب برواية مكذوبة وراويها فاجر كذاب هو أبو الفرج الأصفهاني في كتاب: الأغاني، هذا رجل فاجر كذاب شعوبي يكره العرب، والذي يكره العرب يكره الإسلام؛ لأنهم حملته؛ وهم الذين بلغوه إلى الدنيا، ولقد أجمع كل من ترجم له أنه كان قذراً في شكله لا يغتسل، وكان بذيء اللسان، هتك عرض المحصنات المؤمنات الغافلات في هذا الكتاب، وأجرى على ألسنتهن من الكفر والعهر ما تتنزه عنه أحط امرأة على وجه الأرض.
وهاهو ينقل أن عائشة بنت طلحة بن عبيد الله - طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة- يجري على لسانها من الكلام الساقط البذيء ما لا تستطيع أي زوجة أن تقوله لزوجها في السر ما المقصود من هذا الكلام؟! ويذكر أبيات العشق الكاذبة على لسان سعيد بن المسيب، والشافعي، ومالك، وأن هؤلاء العلماء كانوا يتغزلون بالنساء! ويأتي هذا الكاتب بكل هذا الخبث ويجمعنه في كتاب بعنوان:(علماء الإسلام والجنس)!! يعني: أن هؤلاء لا حرمة لأحد عندهم، إذا جاز أن يتكلم عن العلماء بهذه الصورة فلا حرمة لأحد، أين علماؤنا يردون عنا هذا الخبث، ويرحمون الجماهير، ويبينون الكذب؟! إن جمعية الرفق بالحيوان لها كلمة، وتستطيع أن تمضي كلامها ورأيها، فأين هيئة كبار العلماء؟! صرنا كالأيتام على موائد اللئام، ونحن في وضعنا هذا حقيقون فعلاً بالأبيات التي قالها أحد شعراء بلعنبر، وافتتح بها أبو تمام ديوان: الحماسة، وهذا الشاعر كان له إبل فسُرقت وسطا عليها لص، فاستنهض قومه ليردوا عليه الإبل، لكن قومه ضعاف، فتوجع الرجل وقال: لو كنت من قبيلة مازن لردوا علي إبلي، وقال: لَوْ كُنْتُ مِنْ مَازِنٍ لَمْ تَسْتَبحْ إِبِلِي بَنُو اللَّقِيطَةِ مِنْ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانا إذًا لَقامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنٌ عِنْدَ الْحَفِيظَةِ إِنْ ذُو لُوثَةٍ لانا قَوْمٌ إذا الشَّرُّ أبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ طَارُوا إلَيْهِ زرافاتٍ وَوُحْدَانا لاَ يَسْأَلُونَ أخَاهُمْ حِينَ يَنْدُبُهُمْ فِي النَّائِبَاتِ عَلى ما قالَ بُرْهانَا لَكِنَّ قَوْمِي وَإنْ كانُوا ذَوِي عَدَدٍ لَيْسُوا مِنَ الشَّرِّ فِي شَيءٍ وَإنْ هانَا يَجْزُونَ مِنْ ظلَمْ أهْلِ الظُّلْمِ مَغْفِرَةً وَمنْ إسَاءَة أهْلِ السُّوءِ إِحْسَانَا كأَنَّ رَبَكَ لَمْ يَخْلُقْ لِخَشْيَتِهِ سِوَاهُمُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِنْسَانا ورع في غير محله، لو أنني كنت من هذه القبيلة القوية لانتقموا لي ولردوا علي إبلي! صرنا كالأيتام على موائد اللئام، وكل يوم نطالع هذا الطفح.