[الدعوة للسلام]
إن أعظم كسب لليهود أن توادعهم الأمة المسلمة، ولا يحتجن أحد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وادع اليهود؛ كما قال بعضهم واحتجوا بقول الله عز وجل: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال:٦١] بل وخرج بعض الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا يطبلون لهذا السلام المزعوم.
ونحن لسنا في شهوة لدماء البشر، ولقد عُرف المسلمون في كل مراحل التاريخ أنهم أقل الناس سفكاً للدماء، وأنهم أقل الناس ولوغاً في دماء الخلق، ولكن اليهود قوم لا خلاق لهم، قال الله عز وجل: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة:١٠٠] فنبذ العهد سمة معروفة من سمات اليهود، ثم إن جنحوا هم فسأجنح أنا، والآية لفظها صريح جداً: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال:٦١] أما هؤلاء فلا يجنحون لسلم أبداً.
أترى رجل يجنح للسلم وعنده سنة (١٩٧٦م) مائة وعشرون رأساً نووياً.
لماذا يسعى إلى تصنيع السلاح الذري؟! ولماذا يضرب بمنتهى البجاحة كل المفاعلات النووية في بلاد المسلمين؟! حتى البلاد التي لا تظهر عداوتها صراحة كالباكستان مثلاً، ضربوا المفاعل النووي في باكستان، بل وقتلوا علماء الذرة المصريين والمسلمين في باريس كالدكتور: يحيى المذهبي الذي كان يتعاهد المفاعل النووي العراقي، ومعروف أن المفاعل النووي العراقي ضرب سنة (١٩٨٠م)، وخرجت الطائرات بمنتهى الاطمئنان وضربته ورجعت ولم تعتذر.
إن السلام حقيقة مسلوبة والعدل فلسفة اللهيب الخاب لا عدل إلا إن تعادلت القوى وتصادم الإرهاب بالإرهاب لا يمكن أن يكون هناك سلام وعدوك يتربص بك، فهذه هدنة وليس سلاماً، يهادوننا حتى يسترجعوا أنفاسهم ويصنعوا أسلحتهم.
قرأنا في الجرائد عن القنبلة الخطيرة التي تصنعها إسرائيل اليوم، وهي قنبلة آثارها لا تلحق بإسرائيل وتلحق بمصر مثلاً أو الشام وهذه البلاد، أرأيتم إلى القنبلة الموقوتة التي ضرب بها رشيد كرامي في لبنان، قنبلة موقوتة وضعت تحت الكرسي تنسف الرجل فقط ولا تنسف الطائرة، بالرغم من أن الطائرة حجمها صغير، فقتلت الرجل ولم تصب الطائرة بشيء.
فإذا كانوا سنة (١٩٧٦م) -أي: منذ أكثر من عشر سنوات- كان لديهم مائة وعشرون رأساً نووياً، وهذا الذي ظهر، والذي لديهم لا شك أنه أكثر من ذلك، ويصنعون القمر الإسرائيلي المعروف، حتى خرج بعض الذين لا يعون في هذا الأسبوع وقال: لا خطر علينا إطلاقاً من القمر الصناعي الإسرائيلي، ما شاء الله!! لا خطر إطلاقاً!! يعني: كأن إسرائيل هذه دولة حميمة صديقة جداً لا تتربص الدوائر بالمسلمين! يعني: اطمأنوا وناموا! والذي يدرس تاريخ هؤلاء يعلم علماً يقينياً أنهم لا يجنحون لسلام أبداً، اقرأوا مذكرات القادة الإسرائيليين عن حرب [٧٣] كانت لحكمة بليغة، وكان نصراً مؤزراً.
فهؤلاء اليهود الذين عادوا النبي صلى الله عليه وسلم وعادوا أمته قال الله فيهم مقالة صريحة تصم آذان الجهلة -إن لم يكن المعتدين على حدوده-: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠] إذاً: القضية محسومة، طالما أنك على الإسلام فثق أنك في محل السخط من هؤلاء.
هل نسيتم أيها المسلمون دير ياسين؟ ألم تقرأوا حتى التاريخ المعاصر؟ كان الرجل اليهودي يأتي على امرأة مسلمة حامل في الشهر الأخير، ثم يقول للذي بجانبه: الذي في بطنها ذكر أم أنثى؟ فواحد يقول ذكر والآخر يقول أنثى، فيتراهنون، ثم يبقرون بطنها حتى يعلم الذي في بطنها أهو ذكر أم أنثى!! إن كنتم قد نسيتم دير ياسين فأنا أظنكم لن تنسوا صبرا وشاتيلا، مذابح بالألوف المؤلفة.
لقد رأينا مناظر يندى لها الجبين: طفل بريء وقد غطى الدم وجهه ورمي جيفة للكلاب، وما يحدث الآن في لبنان ليس ببعيد {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً} [التوبة:٨] كيف؟ لكننا ننسى بسرعة!