أما عن ورعهم فناهيك به! روى الطبراني في المعجم الكبير بسند جيد عن سالم بن عبد الله بن عمر قال:(أعرست في حياة أبي - (أعرست): أي صار لي عروس، يعني تزوجت في حياة أبي- فآذن أبي الناس -أي: دعاهم ليحضروا عرسه- وجاء أبو أيوب الأنصاري فوجد الجدران مكسوة -أي: ستائر على الجدر- فوقف على الباب فلم يدخل، وقال لأبي: ما هذا الذي أرى، أتسترون الجدر؟! قال سالم: فقال أبي وخفض رأسه واستحيا: غلبنا النساء يا أبا أيوب -أي: هذا صنيع النساء وغلبونا في هذه المسائل-.
فقال أبو أيوب: لئن غلبن أحداً فلا يغلبنك -يعني: مثلك في ورعه وتقواه وتحريه لا تغلبه النساء، وابن عمر كان معروفاً بالسنة، شديد الورع- ثم قال أبو أيوب: والله لا أكلت لكم طعاماً، ولا شربت لكم شراباً ذلك اليوم، ورجع وانصرف.
مع ما كان يربط بين ابن عمر وأبي أيوب من الآصرة القوية والديانة المتينة، لكن ما كانوا يجاملون في مثل هذا، فكيف فيما فوق ذلك؟! ونحن عندما ندعو الناس إلى كتاب الله عز وجل لا ندعوهم إلا بفهم الصحابة، وإلا فالقرآن الكريم قد اعتدى عليه المبتدعة تحريفاً وصرفاً لألفاظه عن دلالاتها.