[التظاهر بالزهد والورع من أساليب المبتدعة في جذب الناس]
إن المبتدعة لهم طرائق قدداً في خطف قلبك، منها: الورع وترك الدنيا، فلا يزاحمون أهل الدنيا.
هذه علامة لهم، يقضي النهار في الذكر والليل في القيام، كما هو حال الخوارج، وقال بعض من رآهم:(رأيت في جبهته مثل ركبة العنز) من الصلاة والسجود، فيخطف قلبك، وأنت رجل أول ما ترى هذا الطراز وهذه العبادة تقول: هذا ولي لله؛ لكن لا تتحقق بمذهبه، ولا تعرف منهجه، فيخطف قلبك بهذا السمت، وهذا المنظر.
ففي صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:(بينما النبي صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم، إذ جاء رجل قصير الثياب، عليه علامة الإخبات -والزهد والخشوع-، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحثو المال -كلما يأتيه أحد يعطيه- حثواً بغير عد، -المهم لما جاء الدور على هذا الرجل، كان المال قد انتهى-، واغتاظ وتغيَّر قلبه، وقال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله؟ يا محمد! اعدل فإنك لم تعدل، فإنك لم تعطني، وأعطيت الناس حثواً، فلو عددت لكان قد نالني شيء، اعدل فإنك لم تعدل، فقال له: ويحك! ومَن أحق أهل الأرض أن يعدل إذا لم أعدل أنا، لقد خبتَ وخسرتَ إن لم أعدل، فقال عمر -وفي الرواية الثانية: خالد - يا رسول الله! مرني بضرب عنقه، قال: دعه -هذا الخطاب موجه إلى عمر -، قال دعه، فإن له أصحاباً، وفي الرواية الثانية: فإنه يخرج من ضئضئ هذا -والضئضئ: الخصية كناية عن الأصل، يخرج من أصل هذا الرجل- أقوام يحقر أحدكم -يا عمر - صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) يخرج بمنتهى السرعة، أين الصلاح؟ وأين الصيام؟ وأين قراءة القرآن إذا لم يستخدم المرء هذه العبادات للثبات على الحق؟ ما قيمة الصلاة إذَاً؟ هذا الرجل مع صلاته التي يحتقر عمر بن الخطاب صلاته إذا نظر إليها، ترى كيف يصلي؟ فهذا معناه: أنه لا يأكل ولا يشرب، واقف طول النهار يصلي، فإذا كان مثل عمر يحتقر صلاته مع صلاة هذا الخارجي، ويحتقر صيامه، وعمر بن الخطاب معروف وكذلك عبادته وزهده، وهذا الخِطَاب إذا وجه إلى مثل عمر فهو موجه إلى من دون عمر من باب أولى.