[التسليم لنصوص الشرع]
آل فرعون التقطوا موسى ليكون لهم قرة عين؛ لكن الله عز وجل قدر أن يكون عدواً وحزناً، وهم لا يشعرون أنه يكون كذلك، إذ لو شعروا ما فعلوا.
وكذلك باب القضاء والقدر، كله يأتي غفلة.
ثم ذكر الله عز وجل العلة في هذه العقوبة، والعلماء يقولون: إن النصوص قسمان: - معقول المعنى.
- غير معقول المعنى.
كل النصوص إما أن تكون معقولة المعنى لك، تفهم الحكمة منها والحكمة من تشريعها، وتعرف لماذا أراد ربك لك ذلك، ولماذا فرض النبي صلى الله عليه وسلم عليك ذلك أو استحبه لك.
وهناك نوعٌ آخر لا تعلم الحكمة منه؛ إنما ابتلاك الله به ليرى أتسمع وتطيع أم لا! حركات الصلاة، والحج، والسعي، والطواف، كله توقيفي لم يظهر لنا وجه الحكمة من تشريعه: - تضع اليمنى على اليسرى في الصلاة؛ لماذا؟ لا ندري.
- ترفع يديك هكذا تجاه القبلة؛ لماذا؟ ليس عندنا علم.
- تضع جبهتك في الأرض بالطريقة الفلانية؛ في السجود مرتين، وفي الركوع مرة؟ لماذا؟ - ما الفرق بين التورك والافتراش؟ ولماذا التفريق بينهما؟ - ولِمَ الإقعاع بين السجدتين؟ ولماذا لا نقعي في غير ذلك؟ كل هذا نقول فيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وهو صلى كما علمه جبريل، وجبريل صلى كما علمه الله عز وجل.
إذاً: هناك نصوص لا ندري لماذا شرعت، إلا التسليم والإذعان والانقياد.
ونصوصٌ أخرى فيها العلة.
الفرق بين النص الذي أتى بالعلة والذي لم يأتِ بالعلة: أن النص الذي فيه العلة يريح قلبك، وكل الآيات التي فيها عبر وعظات ذكر فيها العلة، حتى تعتبر، فإنه لو لم يذكر لك العلة لم توجد العبرة.
لماذا عاقب الله عز وجل فرعون بموسى؟ {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [القصص:٨]، هذه هي علة العقوبة، لأن هناك من الناس مَن يقول: أنا عبد المأمور، نقول: هذا التعبير غلط، كيف جعلتَ نفسك عبداً لعبد؛ ولكن إذا كنت لا بد قائلاً، وإذا كنت لا بد أن تستخدم هذه العبارة، فقل: أنا عبدٌ مأمور، ولا تقل: أنا عبد المأمور، فأنت والمأمور عبدان لله، إلا العبودية الخاصة أو العبودية العامة، عبدٌ رغم أنفه، حتى لو تمرد فإنه في النهاية عبد.
فلو قال لك قائل: اقتل هذا البريء وإلا قُتِلتَ، فلو قَتَلْتَه استحققت القتل، وهذا معنى قول الله عز وجل: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا} [القصص:٨]؛ لأن قائلاً يقول: الجندي معذور، لأنه مأمور، فهذه الآية نصٌ في هذا الأمر، والعلماء لهم في هذه المسألة تفصيل، (الشيء الذي يعذر به والشيء الذي لا يعذر به).
فهذا إن شاء الله نقف عليه بعد ذلك.
أقول قولي هذا.
وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم اجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.
اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.
رب آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم اغفر لنا هزلنا وجدنا، وخطأنا وعمدنا، وكل ذلك عندنا.