[عدالة الصحابة والرد على من طعن فيهم بحجة أنهم غير معصومين]
والجهلة الذين تسوروا منابر الكلام، والكتابة في الصحف، دخلوا في هذا الباب الواسع الذي آخره الكفر، وعارضوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما جعل هذا الرجل اليمين جنة جعلوا الرواة جنة؛ لأنه لا يستطيع أن يُكذِّب الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يستطيع أن يرد كلامه، فيكذب الصحابي.
بل يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم حاشا لله أن يكذب لكن الصحابة بشر غير معصومين.
وإذا كان مؤدباً فإنه يكذب الرواة، وإذا كان حقيراً ليس عنده حياء ولا أدب اتهم الصحابة كـ أبي هريرة رضي الله عنه وغيره، واتهام أبي هريرة رضي الله عنه أمر قديم يقول لك: إن أبا هريرة أسلم في عام خيبر، وهو يروي ألاف الأحاديث، وأبو بكر الصديق أول من أسلم، ومسند الإمام أحمد بن حنبل الذي يعتبر أوسع مسند في الإسلام ليس فيه لـ أبي بكر إلا قرابة اثنين وثمانين حديثاً، و: أبو بكر الصديق ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم من يوم أسلم في ليل أو نهار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول:(خرجت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر)، وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يفارقه إلا إذا دخل غرفة نومه، فكيف يروي هذا اثنين وثمانين حديثاً وأبو هريرة الذي أسلم متأخراً يروي آلاف الأحاديث؟! فإن عدد أحاديث أبي هريرة تقارب خمسة آلاف حديث.
فبدءوا يطعنون في أبي هريرة، وكل حديث يرويه راو لا يتفق مع أصولهم يقولون: الرواة غير معصومين.
أي: أنه من الممكن أن يخطئوا.
وهل الصحابي معصوم أم لا؟ الصحابي غير معصوم.
إذاً: غير المعصوم يغلط.
هذه كلها مقدمات بدهية لا يعارضها عاقل.
فإذا كان غير معصوم، فما هو الغريب في أنه يغلط؟! نحن نقول: ليس غريباً أن يغلط، لكن لابد أن يثبت غلطه، فنحن لا نناقش العصمة، ولا نقول بعصمتهم أبداً، فهم قد يخطئون، لكن لابد أن تحقق أنه غلط في هذه المسألة بعينها وتحرر موضع الغلط وتبينه.