ونذكر هنا قصة يوشع بن نون المشهورة، وهذه القصة وإن كنا تكلمنا فيها وفي فوائدها ولكن أذكرها لأن هذا وقتها، وقت الجهاد والفداء، وليستشعر الذين كانوا يثبطون الدعاة ويكتبون ضدهم حينما كانوا يدعون إلى الجهاد، فقد ظهر شخص على أعلى مستوى دبلوماسي في مؤتمر صحفي يقول: كلام الجهاد والعنتريات هذا ولى وانقضى، الآن زمان السلام.
الكلام هذا كان بمدريد.
فالسياسة لا دين لها، والدعاة لم يغيروا كلامهم أبداً، فهم ينادون دائماً بضرورة تعبئة الأمة للجهاد في سبيل الله، وصارت كلمة الجهاد سبّة، وعوقب من ينسب إليها ولو زوراً! بعدما قتلت هذه الروح في الجماهير وهجم علينا أعداؤنا، من يدفع الضريبة ومن يدفع الثمن؟ بعدما قتلوا هذه الروح الفتية في نفوس الجماهير، من الذي سيدفع هذا الثمن، ويدفع ثمن هذا الجرم العظيم في حق الأمة؟ فالجهاد مصطلح إسلامي خالص لا يعرف في أي ملة، يعرف القتال الكفاح النضال أي شيء من هذا الكلام، لكن (الجهاد) كلمة إسلامية خالصة، لم تعرف إلا عن المسلمين.
أحد الملوك مرة قال: الجهاد! فاهتزت العروش، وأرسل الأمريكان والإنجليز ليسألوه: ماذا تقصد بهذه الكلمة؟ وضح مرادك! لماذا كلمة (الجهاد) مرعبة؟ لأنها أولاً: مصطلح إسلامي.
ثانياً: لا يعلم استخدام هذه الكلمة من قبل المسلمين إلا مع الكافرين، فعندما تقاتل أخاً لك مسلماً فليس اسمه جهاداً:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}[الحجرات:٩] فقال: اقتتلوا ولم يقل جاهدوا، وقوله:(إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه) لم يقل: إذا جاهد.
فلما نحيي كلمة الجهاد مرة ثانية، وندرس أبواب الجهاد وأحكام الجهاد، فأنت تجهز نفسك لمن؟ نحن نعرف أن الجهاد للكفرة فقط.