إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
ليس هناك خلاف بين أحد في أن أشرف موروث هو العلم؛ ذلك لأنه ميراث الأنبياء، كما قال عليه الصلاة والسلام:(إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)، ذلك أن للعلم حُسناً ذاتياً، فهذا هو ميراثهم.
كما روى الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بسند قال فيه الحافظ المنذري إنه حسن إن أبا هريرة رضي الله عنه ذهب إلى السوق فقال للتجار هناك: ما أعجزكم يا أهل السوق! أنتم هنا والناس يقتسمون ميراث النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فتركوا تجارتهم وهرعوا إلى المسجد، فدخلوا فوجدوا الناس بين مصل وبين ذاكر وبين متفقه، فوقف ينتظرهم، فلما رجعوا قالوا له: ما وجدنا شيئاً يقسم في المسجد.
فقال لهم: وما وجدتم؟ قالوا: وجدنا الناس ما بين مصل وذاكر ومتفقه.
قال: ذلك ميراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فهذا هو الميراث الذي يجب أن يحرص عليه الناس ليورثوه أبناءهم؛ إن الشيء الوحيد الذي ينبغي أن يغبط المرء إذا حصّله هو العلم، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه:(لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله علماً فهو يعلمه الناس، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق).