للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عقبات موهومة في طريق الإخلاص عند الصوفية]

إن في طريق الإخلاص عقبات موهومة وعقبات حقيقية، وأكثر الناس مبتلى بالعقبات الموهومة، فيشتبه عليه العمل أهذا إخلاص أم رياء؟ فيبتلى في آخر الأمر بالنفاق، فتكون عاقبته وخيمة، والذين يضخمون هذه العقبات هم الصوفية، يضخمونها حتى يشك المرء في نفسه.

وكما وردت المقولة: إذا اعتقدت أنك مخلص فإخلاصك يحتاج إلى إخلاص!! يقول رويم بن أحمد الصوفي الشهير فيما رواه الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمته: (رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين!!) سبحان الله! فلو صدر الرياء من أكبر رأس على وجه الأرض لكان رياءً مذموماً، ولو صدر الإخلاص من أدنى رجل لأُجر عليه، فكيف يقال: إن رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين؟! هناك فرق هائل، وهل حسنات الأبرار كسيئات المقربين؟ ومتى كانت الحسنة سيئة؟! إن الله تبارك وتعالى قال للنبي صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:٦٥]، ليس هناك مداهنة إطلاقاً، فأدنى رجل إذا فعل الطاعة قبلت منه، قال صلى الله عليه وسلم: (رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره)، لا يعرف رسماً ولا اسماً، ولا يؤبه له، ومع ذلك إذا أقسم على الله أن يفعل كذا أبر قسمه.

إن الله تعالى هو الخبير الذي لا يعرف أخبار خلقه إلا هو ترى الرجل فتزدريه بعينيك وهو من الأولياء، وترى الرجل يشار إليه بالبنان، ويتبركون به، وهو من أهل النار، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، حتى إذا كان بينه وبينها قيد ذراع -أو قال: قيد شبر- عمل بعمل أهل النار فدخل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، حتى إذا كان بينه وبين الموت قيد ذراع -أو قال: قيد شبر- عمل بعمل أهل الجنة فدخل الجنة)، والفارق هو الإخلاص.